عام

هل أنت قائد؟

سؤال قد يراه البعض استفزازيًا، وقد يكرهه البعض، وقد يتسامح معه الآخرون ويحسنون الظن بمن يطرحه فيقولون : إن الإجابة عنه “نسبية” ومتفاوتة بحسب حقل القيادة، وإطار مسؤوليتها، والمهمة التي يراد تحقيقها، فمواصفات قائد مجموعة تعتمد على القوة العضلية  غير مواصفات من يقود مجموعة إنتاجها يعتمد على الجهد الذهني وثمرات العقل والفن.

ومع التسليم بالفروق ما بين طبيعة القيادة في كل حقل، فإن المعرفة الإنسانية ودخول “القيادة” في مختبرات العلم، واستنتاجات الإحصاءات انتهت إلى ما يمكن اعتباره مفهومًا مستقرًا إلى حد كبير. والحقيقة أن  باعث هذا السؤال  ليس استعراض ما قيل ، وهو كثير جدًا، عن صفات ومواصفات القائد، ولا طبيعة مهماته، ولا الدخول في تفاصيل اختلاف متطلبات القيادة في كل حقل، فكل هذا متاح بكثرة لمن يريده في الكتب المتخصصة، وفي سِيَّر القادة المشاهير المتوافرة في الشبكة العنكبوتية “الإنترنت”، لكن هدف السؤال هو أن يتوقف كل من يقرأ هذه السطور ليسأل نفسه: هل أنا قائد؟ ولا أحد يطالبه بتقديم إجابة منطوقة أو مكتوبة، بل تكفي لحظة مصارحة مع النفس والنظر، بهدوء وعقلانية، إلى ما يحيط به، وحدود مشاركته فيه، ومدى تحقيق ما يعتقد أنه الأصلح والأصوب لحدود مسؤوليته، أعتقد أن لحظة التأمل والمصارحة ومحاولة رصد الإيجابي والسلبي في تعامله مع من حوله ستساعده على وضع قائمتين: إحداهما لما يرى أنه “إيجابي” وأخرى لما يعتقد أنه “سلبي”  ثم يحاول معرفة الأسباب وراء كل صفة  والدوافع المحركة لسلوكه تجاه مواقفه.

هذه “الوقفة مع النفس” لا تهدف إلى “المحاسبة”، بل ترمي إلى التعرف على السلوك النابع من الطبع والسلوك المكتسب من تجربة الحياة، وإلى أي مدى يؤثر أحدهما في الآخر. ولكن السؤال ومحاولة رصد الإجابة عنه من “الواقع” يفترض أن تنتهي إلى الخروج بفائدة تنعكس على الإنسان “القائد” في داخل كل إنسان، وهذا يحتاج إلى تصحيح ما يرى أنه سلبي من خلال محاولة الاقتراب من صفات القائد الناجح، فالقيادة- ببساطة- يمكن اعتبارها ” النقطة المركزية” التي يدور حولها نشاط مجموعة من الناس، يحركها دافع واحد لتحقيق هدف مشترك، وتتسع مجالاتها بقدر اتساع النشاط البشري في جميع الحقول. ويرى المعنيون برصد صفات القادة أنهم يشتركون في الثقة بالنفس، دون تكبر أو تعالٍ، مع قدرة التحمل في اللحظات الحرجة ومواجهة التحديات واتخاذ القرار السليم في الوقت الضيق، إلى جانب موهبة التأثير في الناس وجذبهم والشغف الحميم بما يقومون به من مهام، وكل هذا تحركه طاقة متجددة ونشاط لا يتوقف ورغبة في الإتقان والإنجاز.

هدف هذه السطور متواضع جدًا، فأقصى ما تطمح إليه هو أن تثير في نفس قارئها الرغبة في مساءلة نفسه وفحص ما بداخلها من صفات القائد والتعرف على مواطن نجاحه ومنعطفات إخفاقه بهدف تجاوزها.

الأستاذ/محمد المختار الفال

رئيس تحرير جريدة عكاظ الأسبق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى