صفحات منسية

غزوة بني قريظة

 24ذي القعدة / 5هـ

المكان / ديار بني قريظة جنوب شرق المدينة

 

الموضوع / الرسول عليه الصلاة  والسلام يغزو بني قريظة

 

الأحداث /


لا يخفى علينا ما كان من يهود بني النضير ومنهم سلام بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وغيرهم حيث حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت غزوة الأحزاب في شوال، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بحفر الخندق الذي أشار به سلمان الفارسي وكان أول مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ حر، فعمل فيه رسول الله رغبة في الأجر وحثا للمسلمين على العمل .
وخرج كبير مجرمي بني النضير حيي بن أخطب حتى أتى كعب بن أسد سيد بني قريظة _ وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينصره إذا أصابته حرب _ فأغلق كعب حصنه ولم يأذن له وقال إنك امرؤ مشؤوم وقد عاهدت محمدا ولم أر منه إلا الوفاء، قال حيي يا كعب قد جئتك بعز الدهر وببحر طام _ وكل ما كثر وعَلا حتى غَلَب فهو طَام _ جئتك بقريش وقادتها وسادتها وغطفان بقادتها، وقد عاهدوني أنهم لا يبرحون حتى يستأصلوا محمدا وأصحابه، قال كعب جئتني بذل الدهر وبجهام _ وهو السحاب الذي فرغ ماؤه _ قد هراق ماءه _ أي صب ماءه _ يرعد ويبرق وليس فيه شيء ويحك يا حيي دعني ومحمدا .
فلم يزل حيي به يفتله في الذروة والغارب _ والغاربُ: مُقَدَّمُ السَّنام؛ والذِّرْوَةُ أَعلاه، أَراد: أَنه ما زال يُخادِعُه ويلاطفه حتى أَجابَهُ؛ والأَصل فيه: أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ، لِـيَزُمَّه ويَنْقاد له، جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه، ويَمسَحُ غاربَه، ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْـتَأْنِسَ، ويَضَعَ فيه الزِّمام _ حتى حمله على الغدر بالنبي ففعل ونكث العهد وعاهده حيي إن عادت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك، فعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم، ونجم النفاق من بعض المنافقين، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون عليه بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر ولم يكن بين القوم حرب إلا الرمي بالنبل .
ثم إن نعيم بن مسعود الأشجعي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد أسلمت ولم يعلم قومي فمرني بما شئت، فقال له رسول الله غنما _ أي غايتك وآخر أَمرك _ أنت رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة، فخرج نعيم حتى أتى بني قريظة وكان نديما لهم في الجاهلية فقال لهم قد عرفتم ودي إياكم، فقالوا لست عندنا بمتهم، قال قد ظاهرتم قريشا وغطفان على حرب محمد وليسوا كأنتم؛ البلد بلدكم به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تتحولوا منه؛ وإن قريشا وغطفان إن رأوا نهزة _ أي فرصة _ وغنيمة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين محمد ولا طاقة لكم به إن خلا بكم، فلا تقاتلوا حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم؛ ثقة لكم حتى تناجزوا محمدا، فقالوا: أشرت بالنصح .
ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان ومن معه قد عرفتم ودي إياكم وفراقي محمدا وقد بلغني أن قريظة ندموا وقد أرسلوا إلى محمد هل يرضيك عنا أن نأخذ من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم فأجابهم أن نعم، فإن طلبت قريظة منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم رجلا واحدا، ثم خرج حتى أتى غطفان فقال أنتم أهلي وعشيرتي وقال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم .
فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس [ ولعلها ليلة العشرين من شوال ] كان من صنع الله لرسوله أن أرسل أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان وقالوا لهم إنا لسنا بدار مقام قد هلك الخف والحافر فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا، فأرسلوا إليهم أن اليوم السبت لا نعمل فيه شيئا ولسنا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا ثقة لنا فإنا نخشى أن ترجعوا إلى بلادكم وتتركونا والرجل ونحن ببلاده، فلما أبلغتهم الرسل هذا الكلام قالت قريش وغطفان: والله لقد صدق نعيم بن مسعود فأرسلوا إلى قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا، فقالت قريظة عند ذلك إن الذي ذكر نعيم بن مسعود لحق، وخذل الله بينهم وبعث الله عليهم ريحا في ليال شاتية شديدة البرد فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح أبنيتهم .
فلما انتهى إلى النبي اختلاف أمرهم دعا حذيفة بن اليمان ليلا فقال انطلق إليهم وانظر حالهم ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا قال حذيفة فذهبت فدخلت فيهم والريح وجنود الله تفعل فيهم ما تفعل لا يقر لهم قدر ولا بناء ولا نار فقام أبو سفيان فقال يا معشر قريش ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه قال فأخذت بيد الرجل الذي بجانبي فقلت من أنت قال أنا فلان ثم قال أبو سفيان والله لقد هلك الخف والحافر وأخلفتنا قريظة ولقينا من هذه الريح ما ترون فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب على ثلاثة قوائم، ولولا عهد رسول الله إلي أني لا أحدث شيئا لقتلته، قال حذيفة فرجعت إلى النبي وهو قائم يصلي في مرط _ وهو كساء من صوف _ لبعض نسائه فأدخلني بين رجليه وطرح علي طرف المرط فلما سلم أخبرته الخبر وسمعت غطفان بما فعلت قريش فعادوا راجعين إلى بلادهم، فلما عادوا قال رسول الله الآن نغزوهم ولا يغزونا فكان كذلك حتى فتح الله مكة .
ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد إلى المدينة ووضع المسلمون السلاح وضرب على سعد بن معاذ قبة في المسجد ليعوده من قريب _ وكان حبان بن قيس بن العرقة قد رماه بسهم قطع أكحله ولم يقطع الأكحل من أحد إلا مات والأَكْحَل: عرق في وسط الذراع يكثر فصده فقال سعد اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي أن أقاتلهم من قوم آذوا نبيك وكذبوه اللهم وإن كنت وضعت الحرب بيننا فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية _ فلما كان الظهر أتى جبريل النبي فقال أقد وضعت السلاح قال نعم قال جبريل ما وضعت الملائكة السلاح إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم فأمر رسول الله مناديا فنادى من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة وقدم عليا إليهم برايته وتلاحق الناس ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجال بعد العشاء الأخيرة فصلوا العصر بها وما عابهم رسول الله وحاصر بني قريظة شهرا أو خمسا وعشرين ليلة فلما اشتد عليهم الحصار أرسلوا إلى رسول الله أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر وهو أنصاري من الأوس نستشيره فأرسله فلما رأوه قام إليه الرجال وبكى النساء والصبيان فرق لهم فقالوا ننزل على حكم رسول الله فقال نعم وأشار بيده إلى حلقه إنه الذبح قال أبو لبابة فما زالت قدماي حتى عرفت أني خنت الله ورسوله وقلت والله لا أقمت بمكان عصيت الله فيه وانطلق على وجهه حتى ارتبط في المسجد وقال لا أبرح حتى يتوب الله علي فتاب الله عليه وأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم نزل بنو قريظة على حكم رسول الله فقال الأوس يا رسول الله افعل في موالينا مثل ما فعلت في موالي الخزرج يعني بني قينقاع _ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خلى عنهم بشفاعة زعيم النفاق ابن سلول _ فقال ألا ترضون أن يحكم فيهم سعد بن معاذ قالوا بلى فأتاه قومه فاحتملوه على حمار ثم أقبلوا معه إلى رسول الله وهم يقولون يا أبا عمرو أحسن إلى مواليك فلما كثروا عليه قال قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم فعلم كثير منهم أنه يقتلهم، فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام قوموا إلى سيدكم أو قال خيركم فقاموا إليه وأنزلوه وقالوا يا أبا عمرو أحسن إلى مواليك فقد رد رسول الله الحكم فيهم إليك، فقال سعد عليكم عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم إلي قالوا نعم فالتفت إلى الناحية الأخرى التي فيها النبي صلى الله عليه وسلم وغض بصره عن رسول الله إجلالا وقال وعلى من هاهنا العهد أيضا فقالوا نعم وقال رسول الله نعم، قال فإني أحكم أن تقتل المقاتلة وتسبى الذرية والنساء وتقسم الأموال فقال له رسول الله لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة .
ثم استنزلوا فحبسوا في دار بنت الحارث وهي امرأة من بني النجار ثم خرج رسول الله إلى سوق المدينة فخندق بها خنادق ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم فيها وفيهم حيي بن أخطب وكعب بن أسد سيدهم وكانوا ستمائة أو سبعمائة وقيل ما بين سبعمائة وثمانمائة فقال من كان بعد في الحبس لرئيسهم كعب بن أسد ما تراه يصنع بنا؟ فقال أفي كل موطن لا تعقلون أما ترون الداعي لا ينزع والذاهب منكم لا يرجع هو والله القتل .
وأتي بحيي بن أخطب والد صفية أم المؤمنين رضي الله عنها وكان قد دخل مع بني قريظة حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه أتي به وعليه شملة قد شقها من كل ناحية بقدر أنملة لئلا يسلبها أحد فينتفع بها وهو مكتوف مجموعة يداه إلى عنقه بحبل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال والله ما لمت نفسي في عداوتك ولكن من يخذل الله يخذل، ثم قال للناس إنه لا بأس بأمر الله كتاب وقدر وملحمة كتبت على بني إسرائيل فأجلس وضربت عنقه .
ولم تقتل منهم إلا امرأة واحدة قتلت بحدث أحدثته وكانت قد طرحت الرحا على خلاد بن سويد فقتلته قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها والله إنها لعندي تحدث معي وتضحك ظهرا وبطنا ورسول الله يقتل رجالها في السوق إذ هتف هاتف باسمها أين فلانة قالت أنا والله، قلت لها ويلك مالك، قالت أقتل، قلت ولم؟ قالت لحدث أحدثته، فانطلق بها فضربت عنقها فكانت عائشة تقول والله لا أنسى عجبا منها طيب نفسها وكثرة ضحكها وقد علمت أنها تقتل .
فتأمل رحمك الله أمر اليهود وحالهم وصدق الله العظيم [ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين] بل انظر إلى ما حدث به شيخ من بني قريظة قال إن رجلا من يهود من أهل الشام يقال له ابن الهيبان _ أي الجبان _ قدم إلينا قبل الإسلام بسنين فحل بين أظهرنا والله ما رأينا رجلا قط لا يصلى الخمس أفضل منه _ أي لا أظن أحدا من غير المسلمين لأن المسلمين يصلون الخمس فلا أصلية لا زائدة _ فأقام عندنا فكنا إذا قحط المطر أي احتبس قلنا له اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا فيقول لا والله حتى تقدموا بين يدي نجواكم صدقة فنقول له كم فيقول صاعا من تمر ومدين من شعير فنخرجها ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرتنا فيستسقي لنا فوالله ما يبرح من محله حتى يمر السحاب ونسقى، قد فعل ذلك غير مرة _ أي لا مرة ولا مرتين ولا ثلاثا بل أكثر من ذلك _ ثم حضرته الوفاة عندنا فلما عرف أنه ميت قال يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أهل الخمر _ بالتحريك وبإسكان الميم الشجر الملتف _ والخمـير _ أي الخبز _ إلى أرض البؤس والجوع قلنا أنت أعلم قال فإنما قدمت هذه الأرض أتوكف _ أي أتوقع _ خروج نبي قد أظل زمانه _ أي أقبل وقرب كأنه لقربه أظلهم أي ألقى عليهم ظله _ وهذه البلد مهاجره وكنت أرجو أن يبعث فاتبعه فقد أظلكم زمانه فلا تسبقن إليه يا معشر يهود فإنه يبعث بسفك الدماء وبسبي الذراري والنساء ممن خالفه فلا يمنعكم ذلك منه، فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وحاصر بني قريظة قال لهم نفر من هدل بفتح الهاء وفتح الدال المهملة وقيل بسكونها إخوة بني قريظة وهم ثعلبة بن سعية وأسد بن سعية ويقال أسيد بالتصغير وأسد بن عبيد وكانوا شبانا أحداثا يا بني قريظة والله إنه لهو بصفته فنزلوا وأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم .
وقال الواقدي حدثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال لما خرجت بنو النضير من المدينة أقبل عمرو بن سعدى فطاف بمنازلهم فرأى خرابها فأتى بني قريظة فقال رأيت اليوم عبرا؛ رأيت إخواننا جالية بعد العز والجلد والشرف والعقل قد تركوا أموالهم وخرجوا خروج ذل، والتوراة ما سلط هذا على قوم قط لله بهم حاجة فأطيعوني وتعالوا نتبع محمدا فوالله إنكم لتعلمون انه نبي وقد بشرنا به وبأمره ابن الهيبان أبو عمرو وابن جواس وهما أعلم يهود جاءا من بيت المقدس يتوكفان قدومه ثم أمرانا باتباعه وأمرانا أن نقرئه منهما السلام ثم ماتا ودفناهما بحرتنا هذه، فقال الزبير بن باطا قد قرأت صفته في كتاب باطا التوراة التي أنزلت على موسى ليس في المثاني الذي أحدثنا، فقال له كعب بن أسد فما يمنعك من اتباعه، قال أنت، قال كعب ولم! وما حلت بينك وبينه قط، قال الزبير أنت صاحب عقدنا وعهدنا فان اتبعته اتبعناه وان أبيت أبينا، فأقبل عمرو بن سعدى على كعب فتقاولا في ذلك إلى أن قال كعب ما عندي في أمره إلا ما قلت ما تطيب نفسي أن أصير تابعا أخرجه البيهقي وأبو نعيم .
وأخرج ابن سعد من طريق عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال كان الزبير بن باطا وكان أعلم اليهود يقول إني وجدت سفرا كان أبي كتمه علي فيه ذكر أحمد نبي يخرج بأرض القيوظ صفته كذا وكذا فتحدث به الزبير بعد أبيه والنبي لم يبعث فما هو إلا أن سمع بالنبي قد خرج بمكة فعمد إلى ذلك السفر فمحاه وكتم شأن النبي وقال ليس به .
وكان الزبير بن باطا القرظي قد من على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية؛ أخذه يوم بعاث فجز ناصيته ثم خلى سبيله، فجاءه ثابت لما قتل بنو قريظة وهو شيخ كبير فقال يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني قال وهل يجهل مثلي مثلك قال فإني أردت أن أجزيك بيدك عندي قال إن الكريم يجزي الكريم، ثم أتى ثابت رسول الله فقال يا رسول الله إنه كان للزبير علي منة وقد أحببت أن أجزيه بها فهب لي دمه فقال رسول الله هو لك، فأتاه فقال إن رسول الله قد وهب لي دمك فهو لك، قال شيخ كبير لا أهل له ولا ولد فما يصنع بالحياة، فأتى ثابت رسول الله فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله امرأته وولده، قال هم لك، فأتاه فقال قد وهب لي رسول الله أهلك وولدك فهم لك، قال أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك، فأتى ثابت رسول الله فقال يا رسول الله ماله، قال هو لك، فأتاه ثابت فقال قد أعطاني رسول الله مالك فهو لك، فقال أي ثابت ما فعل الذي كان وجهه مرآة صينية يتراءى فيها عذارى الحي كعب بن أسد، قال قتل، قال فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب، قال قتل، قال فما فعل مقدمتنا إذا شددنا وحاميتنا إذا فررنا عزال بن شموال، قال قتل، قال فما فعل المجلسان يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة، قال ذهبوا فقتلوا، قال فإني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير فما أنا بصابر لله فيلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة، فقدمه ثابت فضرب عنقه، فلما بلغ أبا بكر الصديق رضي الله عنه قوله ألقى الأحبة قال يلقاهم والله في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا .
ثم قسم رسول الله أموالهم فكان للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان ولفارسه سهم وللراجل ممن ليس له فرس سهم وكانت الخيل ستة وثلاثين فرسا وأخرج منها الخمس وكان أول فيء وقع فيه السهمان والخمس واصطفى رسول الله لنفسه ريحانة بنت عمرو بن خنافة من بني قريظة فأراد أن يتزوجها فقالت اتركني في ملكك فهو أخف علي وعليك وقال الكلبي إنه صلى الله عليه وسلم أعتقها وتزوجها سنة ست وماتت مرجعه من حجة الوداع فدفنها بالبقيع .
فلما انقضى أمر قريظة انفجر جرح سعد بن معاذ واستجاب الله دعاءه وكان في خيمته التي في المسجد فحضره رسول الله وأبو بكر وعمر وقالت عائشة سمعت بكاء أبي بكر وعمر عليه وأنا في حجرتي وأما النبي فكان لا يبكي على أحد؛ كان إذا اشتد وجده أخذ بلحيته .
وقتل من المسلمين في الخندق ستة نفر وفي قريظة ثلاثة نفر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى