الصحابةعام

فضائل الصحابة رضي الله عنهم

 


فضائل الصحابة رضي الله عنهم

د. نايف بن أحمد الحمد

 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد : ” فإن أولى ما نظر فيه الطالب ، وعني به العالم بعد كتاب الله -عز وجل- سنن رسوله -صلى لله عليه وآله وسلم- فهي المبيِّنة لمراد الله -عز وجل- من مجملات كتابه ، والدالة على حدوده ، والمفسرة له ، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله مَن اتبعها اهتدى ،ومن سُلبها ضل وغوى وولاه الله ما تولى ، ومِن أَوكد آلات السنن المعينة عليها ، والمؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الناس كافة ، وحفظوها عليه ،وبلغوها عنه ، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين حتى أكمل بما نقلوه الدين ، وثبت بهم حجة الله -تعالى -على المسلمين فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم ، وثناء رسوله -عليه السلام- ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه قال الله تعالى ذكره ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود)( الفتح: 29) ” [1]

” والصحابة أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا اختارهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وإقامة دينه ” . كما قاله ابن مسعود _رضي الله عنه_ [2] . “فحبهم سنة والدعاء لهم قربة والإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة “[3]

وهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين -عليهم الصلاة والسلام- فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ في قول الله عز وجل ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) (النمل:59) قال : أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- [4].

وقال سفيان في قوله عز وجل ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ)(الرعد: 28) قال : هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- .[5]

وعن وهب بن منبه -رحمه الله -في قوله تعالى ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) (عبس:16) قال هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-[6].

وقال قتادة في قوله تعالى ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِه)(البقرة:121) هم أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم -آمنوا بكتاب الله وعملوا بما فيه [7].

وقال ابن مسعود _رضي الله عنه_ ” إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه ” [8] والصحابي هنا هو مَن لقي النبي -صلى الله عليه وسلم – مؤمنا به ، ومات على ذلك . فقد جاء في حديث قيلة العنبرية -رضي الله عنها- : خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [9] .

وقد ورد في فضلهم آيات وأحاديث كثيرة منها : قوله تعالى ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100)

وقال تعالى ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18)

وقال تعالى ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح : 29)

وفي آيات عديدة ذكرهم الله تعالى وترضى عنهم .

ومما جاء في السنة :

عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) [10] ” وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة ، وضيق الحال بخلاف غيرهم ، ولأن إنفاقهم كان في نصرته -صلى الله عليه وسلم- ، وحمايته ، وذلك معدوم بعده ، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم ، وقد قال تعالى ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً )(الحديد:10) وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة ، والتودد ، والخشوع ، والتواضع ، والإيثار ، والجهاد في الله حق جهاده ، وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ، ولا ينال درجتها بشيء ، والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ” ا.هـ [11]

وقال البيضاوي _رحمه الله تعالى_ : ” معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه ، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص ، وصدق النية ) ا.هـ [12] ” مع ما كانوا من القلة ، وكثرة الحاجة والضرورة ” [13] وقيل ” السبب فيه أن تلك النفقة أثمرت في فتح الإسلام ، وإعلاء كلمة الله ما لا يثمر غيرها ، وكذلك الجهاد بالنفوس لا يصل المتأخرون فيه إلى فضل المتقدمين لقلة عدد المتقدمين ، وقلة أنصارهم فكان جهادهم أفضل ، ولأن بذل النفس مع النصرة ، ورجاء الحياة ليس كبذلها مع عدمها ” ا.هـ [14] .

ومما جاء في فضلهم -رضي الله عنهم- حديث ابن مسعود _رضي الله عنه_ عن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) [15] ” وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون ؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس ، وصدقوه حين كذبه الناس ، وعزروه ، ونصروه ، وآووه ، وواسوه بأموالهم وأنفسهم ، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام ” ا.هـ [16] .

ومما جاء في فضلهم ما رواه أبو بردة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم – (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) [17]” وهو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض ” [18] .

وها هو أمير المؤمنين علي _رضي الله عنه_ يصف حال الصحابة فعن أبي راكة قال : صليت خلف علي صلاة الفجر فلما سلم انفلت عن يمينه ثم مكث كأن عليه الكآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال : لقد رأيت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فما أرى اليوم شيئا يشبههم كانوا يصبحون ضمرا شعثا غبرا بين أعينهم أمثال ركب المعزى قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله ويراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا ذكروا الله مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح فهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم .[19]

الوعيد الشديد فيمن آذى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

عن عبد الله بن مغفل المزني _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( الله الله في أصحابي الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ) [20] قال المناوي _رحمه الله تعالى_ ” ( الله الله في حق أصحابي ) أي اتقوا الله فيهم ، ولا تلمزوهم بسوء ، أو اذكروا الله فيهم وفي تعظيمهم وتوقيرهم ، وكرره إيذانا بمزيد الحث على الكف عن التعرض لهم بمنقص ( لا تتخذوهم غرضا ) هدفا ترموهم بقبيح الكلام كما يرمى الهدف بالسهام هو تشبيه بليغ ( بعدي ) أي بعد وفاتي ” ا.هـ ( [21] .

وعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( مَن سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) [22] .

موقف السلف الصالح من الصحابة الكرام

لقد عرف السلف الصالح فضل الصحابة الكرام وبيَّنوا ذلك وردوا على كل من أراد انتقاصهم _رضي الله عنهم_ قال ابن عمر _رضي الله عنهما_ ” لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره ” [23].

وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك وسأله أمعاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز فقال ” لتراب في منخري معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز ” [24].

وجاء رجل إلى الإمام أبي زرعة الرازي -رحمه الله- فقال : يا أبا زرعة أنا أبغض معاوية . قال : لِمَ ؟ قال : لأنه قاتَل عليا . فقال أبو زرعة : إن ربَّ معاوية ربٌّ رحيم وخصمَ معاوية خصمٌ كريم فما دخولك أنت بينهما _رضي الله عنهم_ أجمعين [25] .

وقال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- ” إذا رأيت رجلا يذكر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوء فاتهمه على الإسلام ” [26] وقال –رحمه الله تعالى- ” لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فان تاب قبل منه وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده الحبس حتى يموت أو يراجع ” [27]

وقال بشر بن الحارث _رحمه الله تعالى_ ” مَن شتم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر وإن صام وصلى وزعم أنه من المسلمين ” [28] . ولعل كثيرا من الكتاب ممن في قلوبهم مرض الذين ينتقصون أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم – في الصحف وغيرها يرون أن الوقت لم يحن بعد لانتقاص القرآن والسنة فرأوا أن تقليل شأن الصحابة الكرام عند الناس هو من أخصر الطرق لرد الكتاب والسنة كما قال أبو زرعة _رحمه الله تعالى_ ” إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة ” ا.هـ [29] .

وقال السرخسي _رحمه الله تعالى_ ” فمن طعن فيهم فهو ملحد منابذ للإسلام دواؤه السيف إن لم يتب ” ا.هـ [30] .

وقال الإمام محمد بن صُبيح بن السماك _رحمه الله تعالى_ لمن انتقص الصحابة ” علمتَ أن اليهود لا يسبون أصحاب موسى -عليه السلام- وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى -عليه السلام- فما بالك ياجاهل سببت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ؟ وقد علمتُ من أين أوتيتَ لم يشغلك ذنبك أما لو شغلك ذنبك لخفت ربك ، ولقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين فكيف لم يشغلك عن المحسنين ؟ أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين ، ولرجوت لهم أرحم الراحمين ، ولكنك من المسيئين فمن ثَمَّ عبت الشهداء والصالحين ، أيها العائب لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لو نمتَ ليلك ، وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك ، وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فويحك لا قيام ليل ، ولا صوم نهار ، وأنت تتناول الأخيار فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى .. وبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، وشر الخلف خلف شتم السلف لواحد من السلف خير من ألف من الخلف ” ا.هـ [31] .

وقال ابن الصلاح _رحمه الله تعالى_ ” إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة , ومَن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يُعتد بهم في الإجماع ” ا.هـ ( [32] .

ذكر فضلهم في كتب العقائد رفعا لشأنهم وعلوا لمنزلتهم :

قال الطحاوي _رحمه الله تعالى_ ” ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا نُفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم ، وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ” ا.ه[33].

وذكر الحميدي _رحمه الله تعالى_ أن من السنة ” الترحم على أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كلهم فإن الله عز وجل قال ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ )(الحشر:10) فلم نؤمر إلا بالاستغفار لهم ، فمن سبهم أو تنقصهم أو أحدا منهم فليس على السنة وليس له في الفيء حق ، أخبرنا غير واحد عن مالك بن أنس ” ا.ه[34]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله تعالى_ ” ويمسكون عما شجر من الصحابة ، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد فيه ، ونقص ، وغُيِّرَ عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون ؛ إما مجتهدون مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون … ، ولهم من السوابق ، والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم … ثم القَدْر الذي يُنكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ، ومحاسنهم من الإيمان بالله ، ورسوله ، والجهاد في سبيله ، والهجرة ، والنصرة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم ، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم ، وأكرمها على الله ” ا.هـ [35]

وفي الختام لا نقول إلا كما قال الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) اللهم ارض عن أصحاب نبيك أجمعين واحشرنا وإياهم في زمرة سيد المرسلين والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 

كتبه د. نايف بن أحمد الحمد
قاضي المحكمة العامة بمحافظة رماح
 

—————————————————
[1] الاستيعاب 1/1
[2] تفسير القرطبي 1/60 وروى نحوه أبو نعيم في الحلية 1/305 من قول ابن عمر رضي الله عنهما .
[3] العقيدة 1/81
[4] رواه الطبري 20/2 والبزار وانظر : تفسير ابن كثير 3/370 الاستيعاب 1/13تفسير القرطبي 13/220 وبذلك فسرها سفيان الثوري. كما رواه عنه أبو نعيم في الحلية 7/77 وابن عساكر 23/463.
[5] رواه سعيد بن منصور 5/ 435
[6] رواه عبد بن حميد وابن المنذر . تفسير ابن كثير 4/472 الدر المنثور 8/418.
[7] فتح الباري 13/508 .
[8] رواه أحمد 1/379 والطيالسي (246) بإسناد حسن .
[9] رواه ابن سعد 1/318 والطبراني 25/8 قال الهيثمي ” رجاله ثقات ” المجمع 6/12.
[10] رواه البخاري (3470 ) ومسلم (2540) واللفظ له .
[11] شرح مسلم للنووي 16/93 شرح سنن ابن ماجه 1/15 تحفة الأحوذي 10/246 .
[12] فتح الباري 7/34 .
[13] عون المعبود 12/269 .
[14] تحفة الأحوذي 8/338 .
[15] رواه البخاري ( 2509) ومسلم ( 2533 ) .
[16] التمهيد 20/251 فيض القدير 3/ 478 .
[17] رواه مسلم ( 2531 ) .
[18] تحفة الأحوذي 10/156 فيض القدير 6/296 .
[19] رواه أبو نعيم في الحلية 1/76 وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل /272والخطيب في الموضح 2/330 وابن عساكر 42/492 .
[20] رواه أحمد 5/54 والترمذي (3862 ) والبيهقي في الشعب 2/191 وقال الترمذي : ( هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ) ا.هـ .
[21] فيض القدير 2/98 .
[22] رواه الطبراني في الكبير 12/142 وفي الدعاء (2108) والخلال في السنة (833) والقطيعي في زوائد الفضائل (8) والخطيب في التاريخ 14/241 من حديث أنس رضي الله عنه كما رواه الطبراني في الكبير 12/434 والأوسط (7515) وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن عمر رضي الله عنهما والحديث حسنة الألباني رحمه الله في الصحيحة (2340) .
[23] رواه أحمد في الفضائل 1/57 وابن أبي شيبة 6/405 وابن ماجه (162) وابن أبي عاصم في السنة 2/484 قال البوصيري في زوائد ابن ماجه 1/24″ هذا إسناد صحيح ” .
[24] رواه ابن عساكر 59/208 وانظر : منهاج السنة 6/227 .
[25] رواه ابن عساكر 59/141وانظر فتح الباري 13/86 عمدة القاري 24/215.
[26] شرح أصول الاعتقاد للالكائي 7/1252 الصارم المسلول 3/ 1058
[27] الصارم المسلول 3/1057 العقيدة 1/81
[28] رواه ابن بطة في الإبانة /162.
[29] تاريخ بغداد 38/132 والكفاية /97 .
[30] أصول السرخسي 2/134 .
[31] رواه المعافي في الجليس الصالح 2/392.
[32] مقدمة ابن الصلاح /428 .
[33] عقيدة الطحاوي مع شرحها 2/689 .
[34] أصول السنة للحميدي بذيل المسند 2/176 .
[35] العقيدة الواسطية / 43 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى