صفحات منسية

غزوة خيبر

الزمان/ 26 من المحرم – 7هـ

المكان/ خيبر وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على بعد 70 ميلا شمال المدينة

الموضوع/ الرسول صلى الله عليه و سلم يغزو خيبر

الأحداث /

مفكرة الإسلام : إن هذه الغزوة توضح معلمًا عامًا لخطة المصطفى صلى الله عليه وسلم لتوحيد جزيرة العرب تحت راية الإسلام، وتحويلها إلى قاعدة لنشر الإسلام في العالمين، فقد خطط عليه السلام ألا يسير إلى مكة إلا بعد أن يكون قد مهد شمال الحجاز إلى حدود الشام، وأن تكون الخطوة الأخيرة هي الاستيلاء على خيبر وغيرها من المراكز اليهودية شمال الحجاز وخاصة خيبر وفدك ووادي القرى؛ ليحرم القبائل المحيطة به من أي مركز يمكن أن يعتمدوا عليه في مهاجمة الدولة الإسلامية الناشئة .

وكانت خيبر هي وكر الدس والتآمر، ومركز الاستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات وإثارة الحروب، فلا ننسى أن أهل خيبر هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، ثم أخذوا في الاتصال بالمنافقين _ الطابور الخامس في المجتمع الإسلامي _ وبغطفان وأعراب البادية، وكانوا هم أنفسهم يستعدون للقتال، وقد عاش المسلمون بسببهم محنا متواصلة، اضطرت المسلمين إلى الفتك ببعض رؤوسهم أمثال سلام بن أبي الحقيق وأسير بن زارم، ولكن كان لابد من عمل أكبر من ذلك إزاء هؤلاء اليهود، وما كان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من مجابهتهم إلا وجود عدو أكبر وأقوى وألد ألا وهو قريش .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن يهود خيبر أقوياء أغنياء؛ لذا لم يتوجه إليهم إلا عن ثقة منه بالنصر، وخاصة عندما تجلت له صلى الله عليه وسلم صدق نية المسلمين في الجهاد في سبيل الله خلال أحداث الحديبية، لذا قرر صلى الله عليه وسلم حينما عاد إلى المدينة بعد أن اتفق مع قريش على عمرة القضاء أن يكون فتح خيبر خلال مهلة العام، وكأنه لم يكن يأمن قريشا فقرر ألا يكون مسيره للعمرة إلا وهو آمن الظهر مستجمع القوى لما عسى أن يكون .

فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية مكث بالمدينة عشرين يوما، أو قريبا من ذلك، ثم خرج إلى خيبر وهي التي وعده الله إياها في قوله: [وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا]، فكان خروجه صلى الله عليه وسلم إلى خيبر في بقية المحرم أي أواخره واستعمل على  المدينة سباع بن عرفطة، وقيل أنه استخلف نميلة بن عبد الله الليثي، والأول أصح، ولما كان المنافقون وضعفاء الإيمان تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فيهم قائلاً: [سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم، يريدون أن يبدلوا كلام الله، قل لن تتبعونا، كذلكم قال الله من قبل، فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا] .

فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر أعلن ألا يخرج معه إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج معه إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة، فنزل بالرجيع؛ وهو واد بين خيبر وغطفان جهة الشمال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرسل زعيم النفاق عبد الله بن أبي بن سلول إلى يهود خيبر يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ويطمئنهم أن عددهم وعدتهم أكثر بكثير من عدة وعتاد المسلمين، فأرسل يهود خيبر كنانة بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس إلى غطفان يستمدونهم، فتخوف الرسول صلى الله عليه وسلم أن تمدهم غطفان، فبات حتى أصبح فغدا إليهم .

قال بعض الرواة إن الدليل _ وكان اسمه حسيل أي ابن الضب وهو حيوان من جنس الزواحف، غليظ الجسم، خشنه، له ذنب عريض، يكثر في صحاري الأقطار العربية _ انتهى برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع له طريق إلى خيبر فقال: يا رسول الله إن لها طرقا تؤتى منها كلها، فقال صلى الله عليه وسلـم: سمهـا لي _ وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل والاسم الحسن ويكره الطيرة والاسم القبيح _ فقال الدليل: لها طريق يقال له حزن _ أي صعب _، قال: لا نسلكها، قال: لها طريق يقال لـه شاس _ وهو الكئود الغليظ الخشن من الحجارة _، قال: لا نسلكها، فقال: لها طريق يقال لـه حاطب _ وهو المشؤوم _، قال: لا نسلكها، قال بعض رفقائهم: ما رأيت كالليلة أسماء أقبح من أسماء سميت لرسول الله، قال: لها طريق واحدة ولم يبق غيرها يقال لها مرحب _ وهو المكان المتسع من الأرض _، قال صلى الله عليه وسلم: نعم أسلكها، فقال عمر رضي الله عنه: ألا سميت هذه الطريق أول مرة _ وهذا الطريق هو المدخل الشمالي لخيبر _ .

قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على جبل عصر، فبني له فيها مسجدا، ثم على الصهباء _ وهو موضع على روحة من خيبر _، ثم أقبل بجيشه حتى نزل به بواد يقال له: الرجيع، فنزل بينهم وبين غطفان؛ ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فبلغني أن غطفان لما سمعوا بذلك جمعوا، ثم خرجوا ليظاهروا اليهود عليه، حتى إذا ساروا منقلة _ أي جاوزوا ديارهم وتحولوا عنها _، سمعوا خلفهم في أموالهم وأهليهم حسا، فظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم، فرجعوا على أعقابهم، فأقاموا في أموالهم وأهليهم، وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر .

وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن شييم أحد بني سهم بن مرة أن أباه حدثه أنه كان في جيش عيينة بن حصن لما جاء يمد يهود خيبر قال: فسمعنا صوتا في عسكر عيينه يقول: أيها الناس أهلكم خولفتم إليهم، قال: فرجعوا لا يتناظرون، فلم نر لذلك نبأ، وما نراه كان إلا من السماء .

بات المسلمون الليلة الأخيرة التي بدأ في صباحها القتال قريبا من خيبر ولا يشعر يهود خيبر بهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى قوما بليل لم يقربهم حنى يصبح، فلما أصبح صلى الفجر بغلس وركب المسلمون، فخرج أهل خيبر بمساحيهم _ جمع مِسْحاة وهي المِجرفة من الحديد _ ومكاتلهم إلى أعمالهم ولا يشعرون، فلما رأوا الجيش قالوا محمد، محمد والله والخميس، ثم رجعوا هاربين إلى حصونهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، خربت خيبر، الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صبا المنذرين’ .

وأخرج البيهقي قال: كان أبو شتيم المزني قد أسلم فحسن إسلامه فحدث قال: لما نفرنا إلى أهلنا مع عيينة بن حصن رجع بنا عيينة، فلما كان دون خيبر عرسنا من الليل ففزعنا، فقال عيينة: أبشروا إني أرى الليلة في النوم أني أعطيت ذا الرقبة _ جبلا بخيبر _؛ قد والله أخذت برقبة محمد، قال: فلما قدمنا خيبر قدم عيينه فوجد رسول الله قد فتح خيبر، فقال عيينه: يا محمد أعطني ما غنمت من حلفائي فإني انصرفت عنك وعن قتالك، قال رسول الله: كذبت ولكن الصياح الذي سمعت أنفرك إلى أهلك، قال: أجدني يا محمد، قال: لك ذو الرقبة، قال عيينة: وما ذو الرقبة؟ قال: الجبل الذي رأيت في النوم أنك أخذته .

فانصرف عيينة إلى أهله فجاءه الحارث بن عوف فقال له: ألم أقل لك أنك توضع في غير شيء، والله ليظهرن محمد على ما بين المشرق والمغرب؛ يهود كانوا يخبروننا بهذا؛ أشهد لسمعت أبا رافع سلام بن أبي الحقيق يقول: أنا نحسد محمدا على النبوة حيث خرجت من بني هارون، هو نبي مرسل ويهود لا تطاوعني على هذا، ولنا منه ذبحان واحد بيثرب وآخر بخيبر، قال الحارث: قلت لسلام: يملك الأرض جميعا؟ قال: نعم والتوراة .

وحدث البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر: يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلا شاعرا، فنزل يحدو بالقوم، يقول:

اللهم لــولا أنــت مـا اهتدينـــا   ولا تصدقنــــا ولا صلينــــا

فــاغفر فــداء لــك مـا اتقينـا    وثبـــت الأقـــدام إن لاقينــا

وألقيــــن ســـكينة علينـــا    إنـــا إذا صيــح بنــا أبينــا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‘من هذا السائق؟’ قالوا: عامر بن الأكوع، قال: ‘يرحمه الله’، فقال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به .

قال: فلما تصاف القوم تناول عامر سيفه ليضرب به ساق يهودي فرجع ذباب سيفه فأصاب ركبته فمات منه، وأخرجه مسلم من وجه آخر وفيه: فقال: ‘من هذا القائل؟’ قالوا: عامر، قال: ‘غفر لك ربك’، قال: وما خص رسول الله قط أحدا إلا استشهد، فقال عمر: لولا متعتنا بعامر، وفي لفظ: وما استغفر لإنسان يخصه قط إلا استشهد .

وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد أن رسول الله قال يوم خيبر: ‘لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه’، فلما أصبح قال: ‘أين علي بن أبي طالب؟’، قالوا: يشتكي عينيه، قال: ‘فأرسلوا إليه’ فأتي به فبصق رسول الله في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع،   وأخرج الشيخان عن سلمة بن الأكوع قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلحق به، فلما بتنا الليلة التي فتحت، قال: [لأعطين الراية غدا، أو: ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه]. فنحن نرجوها، فقيل: هذا علي، فأعطاه ففتح عليه، وأخرجه الحارث وأبو نعيم من وجه آخر عن سلمة وزاد: فأخذ الراية فخرج بها حتى ركزها تحت الحصن فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: علي، فقال اليهودي: علوتم وما أنزل على موسى، فما رجع حتى فتح الله على يديه، قال أبو نعيم: فيه دلالة على ما تقدم علم اليهود من كتبهم بتوجيه من وجه إليهم ويكون الفتح على يديه .

وعن سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى الراية أبا بكر الصديق فبعثه إلى بعض حصون خيبر فقتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد، فقال: ‘لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار’ فدعا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال: ‘خذ هذه الراية حتى يفتح الله لك’ قال سلمة: فخرج والله يهرول هرولة وأنا خلفه أتبع أثره حتى ركز الراية في رضم حجارة فاطلع عليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، قال اليهودي: غلبتهم وما أنزل على موسى، فما رجع حتى فتح الله عليه .

وأخرج أحمد عن علي قال: ما رمدت ولا صدعت منذ تفل رسول الله في عيني يوم خيبر، وأخرج البيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان علي يلبس في الحر الشديد القباء المحشو الثخين وما يبالي بالحر، ويلبس في البرد الشديد الثوبين الخفيفين وما يبالي بالبرد، فسئل عن ذلك فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خيبر: ‘لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح عليه’ فدعاني فأعطاني ثم قال: ‘اللهم اكفه الحر والبرد’ فما وجدت بعد ذلك بردا ولا حرا، وأخرج أبو نعيم عن شبرمة بن الطفيل قال: رأيت عليا بذي قار عليه إزار ورداء وهو يهنأ بعيرا له في يوم شديد البرد وإن جبهته لترشح عرقا، وأخرج الطبراني في الأوسط عن سويد بن غفلة قال: لقينا عليا وعليه ثوبان في الشتاء فقلنا لا تغتر فأرضنا هذه مقرة ليست مثل أرضك، قال: فإني كنت مقرورا فلما بعثني رسول الله إلى خيبر قلت: إني أرمد فتفل في عيني فما وجدت حرا ولا بردا ولا رمدت عيناي، وأخرج ابن إسحاق والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال: خرج مرحب من حصن خيبر وقال: من يبارزنا؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا، فقال رسول الله: ‘قم إليه اللهم أعنه عليه’ فبرز إليه فقتله، وأخرج البيهقي من طريق موسى بن عقبة قال: جاء عبد حبشي أسود من أهل خيبر كان في غنم لسيده فقال: إن أسلمت ماذا لي؟ قال: الجنة، فأسلم ثم قال: يا نبي الله إن هذه الغنم عندي أمانة، قال رسول الله: أخرجها من عسكرنا ثم صح بها وارمها بالحصباء فإن الله سيؤدي عنك أمانتك، ففعل فرجعت الغنم إلى سيدها فعرف اليهودي أن غلامه أسلم، وقتل العبد الأسود فقال رسول الله: لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير قد كان الإسلام من نفسه حقا وقد رأيت عند رأسه اثنتين من الحور العين، وأخرج البيهقي من وجه آخر عن جابر بن عبد الله قال: خرجت سرية في   غزوة خيبر فأخذوا إنسانا معه غنم يرعاها فجاءوا به إلى النبي فقال: إني قد آمنت بك وبما جئت به فكيف بالغنم فإنها أمانة وهي للناس الشاة والشاتان وأكثر من ذلك قال احصب وجوهها ترجع إلى أهلها فأخذ قبضة من حصباء فرمى بها وجوهها فخرجت تشتد حتى دخلت كل شاة أهلها ثم تقدم إلى الصف فأصابه سهم فقتله ولم يصل لله سجدة فقال رسول الله: إن عنده لزوجتين له من الحور العين، وأخرج الحاكم والبيهقي عن شداد بن الهاد أن رجلا من الأعراب آمن وهاجر فلما كانت غزوة خيبر غنم رسول الله شيئا فقسمه فأعطاه نصيبه فقال ما على هذا اتبعتك ولكن اتبعتك على أن أرمي هاهنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة فقال إن تصدق الله يصدقك ثم نهضوا إلى قتال العدو فأصابه سهم حيث أشار فقال النبي: صدق الله فصدقه، وأخرج البيهقي من طريق ابن إسحاق عن بعض من أسلم أنهم أتوا رسول الله بخيبر فقالوا لقد جهدنا وما أبدينا شيء، فقال: اللهم إنك قد علمت حالهم وليست لهم قوة وليس بيدي ما أعطيهم إياه فافتح عليهم أعظم حصن بها، عنى أكثر طعاما وودكا، فغدا الناس ففتح الله عليهم حصن الصعب بن معاذ، وما بخيبر حصن أكثر طعاما وودكا منه .

قال ابن هشام فقد حدث الإمام أحمد أن أبا هريرة قدم  المدينة في رهط من قومه والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، وقد استخلف سباع بن عرفطة _ يعني الغطفاني _ على المدينة، قال: فانتهيت إليه وهو يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى ب كهيعص وفي الثانية: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فقلت في نفسي: ويل لفلان، إذا اكتال اكتال بالوافي، وإذا كال كال بالناقص. قال: فلما صلى زودنا شيئا حتى أتينا خيبر وقد افتتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر . قال: فكلم المسلمين، فأشركونا في سهامهم .

  قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: [لأعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله]. فبات الناس ليلتهم: أيهم يعطى، فغدوا كلهم يرجونه، فقال: [أين علي]. فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه، فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: [انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله رجلا بك، خير لك من أن يكون لك حمر النعم].

  عن سهل بن سعد رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه]. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: [أين علي بن أبي طالب]. فقالوا: يشتكي من عينيه يا رسول الله، قال: [فأرسلوا إليه فأتوني به]. فلما جاء بصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: [انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم]. [ر: 2783]

[ش [يدوكون ليلتهم] يخوضون ويتحدثون طوال ليلتهم، من الدوكة، وهي الخوض والاختلاط].

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه، قال عمر: فما أحببت الإمارة قط إلا يومئذ فتشوقت لها رجاء أن أدعى لها، فدعا عليا فبعثه وأعطاه الراية وقال: اذهب فقاتل حتى يفتح الله على يديك ولا تلتفت، فسار علي بالناس ثم وقف ولم يلتفت فقال: يا رسول الله على ما أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا قالوا ذلك منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل.

 وعن بريدة الأسلمي قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة أهل خيبر أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر بن الخطاب ونهض [معه] من نهض من المسلمين فلقوا أهل خيبر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‘لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله’. فلما كان الغد دعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه اللواء ونهض الناس معه فلقوا أهل خيبر وكان مرحب يرتجز بين أيديهم ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحب          شاكي السلاحِ بطلٌ مجرب

أطعن أحياناً وحيناً أضرب          إذا الليوثُ أقبـلتْ تلهـب

قال: فاختلفا ضربتين فضربه علي على هامته حتى عض السيف منها أضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته وما تتام آخر الناس مع علي حتى فتح له ولهم.

  حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني ثنا أبو جعفر النفيلي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني بريدة بن سفيان الأسلمي

  حدثنا إبراهيم بن هاشم نا إبراهيم بن حجاج نا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال فحدثني محمد بن جعفر قال سمعت زياد ابن سعد بن ضميرة يحدث عروة عن أبيه وجده وكانا شهدا مع رسول الله ص حنينا أن رسول الله ص صلى الظهر ثم قام إلى أصل شجرة فقام اليه   عيينة   بن حصن يطلب بدم عامر بن الأضبط وهو سيد قيس فقام الأقرع بن حابس يرد عن محلم بن جثامة وهو سيد خندف فكلم رسول الله ص قومه فقبلوا الدية وقال خذوا منا الآن خمسين وإذا رجعنا إلى المدينة خمسين فقبلوا   حدثنا يحيى بن محمد نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم نا ابن وهب نا ابن أبي ذئب عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده ضميرة بن سعد أن رسول الله ص مر بأم ضميرة وهي تبكي فقال ما يبكيك أجائعة أنت أم عارية فقالت يا رسول الله فرق بيني وبين ابني فقال النبي ص لا يفرق بين الوالدة وولدها ثم أرسل إلى الذي اخذ ضميرة فدعاه فباعه منه قال ابن أبي ذئب فأراني كتابا عنده بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله لأبي ضميرة وأهل بيته إن رسول الله ص أعتقهم وانهم بيت من العرب إن أحبوا أقاموا عند رسول الله ص وان أحبوا رجعوا إلى أرضهم لا يعرض لهم إلا بخير وكتب أبي بن كعب .

عن أنس:

، ثم قال : ‘ اللهم رب السماوات وما أظللن ، ورب الأرضين وما أقللن ، ورب الشياطين وما أظللن ، ورب الرياح وما أذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شر أهلها وشر ما فيها ، أقدموا بسم الله ‘ . قال : وكان يقولها عليه السلام لكل قرية دخلها .

عليه وسلم حتى إذا أصبح لم يسمع أذاناً، فركب وركبنا معه ، فركبت خلف أبي طلحة ، وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستقبلنا عمال خيبر غادين ، قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم ، فلما رأوا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم والجيش ، قالوا : محمد والخميس معه ! فأدبروا هراباً ، فقال رسول الله صلى الله ليه وسلم : الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى