دخول الروس أفغانستان ـ حي على الجهاد
الزمان/ 4 رمضان – 1399 هـ
المكان / كابل أفغانستان .
الموضوع / دخول أول وحدة هجومية روسية لأراضي أفغانستان.
الأحداث /
مفكرة الإسلام : عندما وقعت حادثة الإفك وخاض الخائضون في عرض الطاهرة المبرأة من فوق سبع سماوات اغتم المسلمون ومعهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أنزل الله عز وجل قوه الحكيم: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرًا لكم بل هو خير لكم} وإن كان ظاهر الحادثة شرًا إلا أن عاقبتها كانت خيرًا؛ فالله يعلم ونحن لا نعلم، وهناك أمور حدثت في تاريخ هذه الأمة كان ظاهرها شرًا لهذه الأمة، إلا أنها أعقبت خيرًا كثيرًا وأعادت للأمة كثيرًا من ثوابتها ومقومات وجودها والتي ضاعت عبر سنوات من التيه والغفلة. وحادثتنا هذه في صفحتنا خير دليل على أن هذه الأمة هي الأمة الوحيدة القادرة على تحويل نكباتها إلى صحوة وانتصار.
أفغانستان عبر التاريخ
دولة أفغانستان لم تكن موجودة بشكلها الحالي وحدودها المعروفة الآن إلا قريبًا؛ حيث كانت الأجزاء المكونة لها تتوزع بين الدولة الإيلخانية والتتار في العراق والهند والأوزبك، ولقد سيطر على معظم أجزائها التيموريون، ثم ما لبثوا أن انقسمت دولتهم إلى عدة إمارات، ثم سيطرت الدولة الحقوية ‘إيران’ على أفغانستان وقامت عليهم عدة ثورات، خاصة من قبل قبائل الدورانية ‘العبدلية’ لأن أهل أفغانستان كانوا أهل سنة والصفويون كانوا شديدي التشيع يعادون أهل السنة بشدة، واستمرت الثورات طوال حكم الصفويين الممتدة 122 سنة حتى سقطت في النهاية سنة 1160 هـ. وظهرت أفغانستان بصورتها الحالية وكانت الأسرة الدورانية هي أول من حكمت أفغانستان في العصر الحديث، وكانت هذه الأسرة معنية بأمر الجهاد فضمت الملثان ولاهور وكشمير، وحاربت السيخ الكفار الذين كانوا يتلقون مساعدات من الإنجليز وظلت الدولة تحكم أفغانستان طوال قرنين من الزمان حتى دب بين أفراد الأسرة الدورانية الخلاف وتحاربوا فيما بينهم واستنجد بعضهم على بعض بأعداء الله الإنجليز كان ذلك سببًا لدخول الإنجليز لأفغانستان ولكنهم لاقوا مقاومة عنيفة أبادت معظم الجيش الإنجليزي في أفغانستان فاضطر الإنجليز للفرار من أفغانستان ولم يحتلوها سوى سبع سنوات تكبدوا خلالها عشرات الآلاف من جنودهم.
بداية التحرش الروسي:
بعد خروج الإنجليز سنة 1302 هـ بدأ الروس في التحرش بأفغانستان وكانت روسيا ترى أن أفغانستان امتداد طبيعي لها كما كانت تخاف من موقعها المتميز بجانب الجمهوريات الإسلامية التي احتلتها روسيا من أملاك العثمانيين، فحاولت روسيا احتلال إقليم باداخشان ومدينة هراة ولكن الإنجليز أسرعوا وتصدوا لهذا الهجوم حتى لا يؤثر ذلك على موقفهم في الهند التي كانت تمثل درة التاج البريطاني ووقعت انجلترا وروسيا اتفاقية بطرسبرج لترسيم الحدود والاعتراف بما ضمته روسيا من إقليم خراسان، وتعاقب على حكم أفغانستان عائلة خان من سنة 1302هـ حتى سنة 1333 هـ استطاع أحد منهم هو محمد نادر شاه أن يطرد الإنجليز ويعلن الاستقلال التام لأفغانستان وكان أقوى رجل ظهر في تلك الفترة حتى اغتالته الأيدي الآثمة سنة 1352 هـ وتولى مكانه ابنه محمد ظاهر شاه وكان في التسعة عشر من عمره فسار بسيرة حسنة مدة خمسة عشر سنة معتمدًا على رجال أبيه في تسيير الحكم ولكنه بدأ في الانحراف والتأثر بالغرب فأصدر منشورًا ملكيً سنة 1372 هـ يبيح للنساء خلع الحجاب والسير سافرات مما آثار الشعب الأفغاني المحافظ عليه كما سمح للروس بزيادة نفوذهم داخل البلاد حتىاستطاعوا تجنيد أتباع لهم على رأسهم رئيس الوزراء محمد داود والذي كان في نفس الوقت زوج أخت محمد ظاهر شاه وأخذ محمد داود في العمل على قلب نظام الحكم لصالح الشيوعيين الروس الذين أخذوا الضوء الأخضر من العالم بعد الحرب العالمية الثانية أن أفغانستان تقع في منطقة نفوذ الروس بعد اقتسام العالم لمعسكرين شرقي وغربي.
الحكم الشيوعي لأفغانستان:
استطاع محمد داود بالاتفاق مع الروس للقيام بانقلاب عسكري سنة 1393 هـ ومحمد ظاهر شاه في إيطاليا ونصب محمد داود نفسه رئيسًا وألغى الملكية وأعلن الجمهورية وأخذ في تضييق الخناق على الحركات الإسلامية ولكنه ما لبث أن توترت العلاقات بينه وبين الروس الشيوعيين فكثرت الاغتيالات وذلك لإثارة الفوضى داخل البلاد، فشعر محمد داود بالخطر فأسرع بالقبض على زعماء الشيوعيين الأفغان، ومنهم نور محمد تراقي وحفيظ الله أمين وبابرك كارمل وقبل أن يتخلص منهم قام محمد غلاب قائد حزب مجاهدي خلق الشيوعي بإنقلاب عسكري ضد محمد داود وسمى هذا الانقلاب بثورة ‘ساور’ أي ثورة نيسان وأخرج الزعماء الشيوعيين وعين نور محمد تراقي زعيم حزب خلق الشيوعي رئيسًا للجمهورية.
ما إن تسلم نور محمد تراقي السلطة حتى سفك الدماء وأزهق الأرواح وأظهر الشيوعية في أبهى صورها وقتل في يوم واحد 15000 مسلم وجيئ بمحمد داود وقتل أمامه أبنائه الـ 29 ثم أجهز عليه هو وباقي أفراد أسرته ثم انقلب على زملائه الشيوعيين وأبعدهم عن البلاد بتعيينهم سفراء بالخارج وبدأت الشيوعية تتحكم في البلاد بأقوى صورة وعقد تراقي اتفاقية مع الروس سمح بموجبها للجيش الروسي بدخول أفغانستان بحجة حماية النظام الشيوعي وبدأت المعارضة الإسلامية في الظهور وبقوة خاصة الحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار وفي عام 1399 هـ حدثت انتفاضة في معسكرات الجيش في هراة وتمرد العسكر في الجيش فأرسل الروس أول كتيبة هجومية لأفغانستان في 4 رمضان 1399 هـ وكان هذا الدخول إيذانًا بانطلاق شرارة الجهاد الإسلامي مرة أخرى وتقاطر المجاهدون على أفغانستان من شتى أنحاء العالم لنصرة إخوانهم، وضرب المجاهدون أروع الأمثلة في البطولة والتضحية والفداء