عام

القسم 4. بناء الفرَق: توسيع القاعدة من أجل القيادة

  • ما هو الفريق وما هو بناء الفريق؟
  • ما هي حسنات الفريق وسيّئاته؟
  • متى يجب أن نبني فريقاً؟
  • ما الذي يجعل الفريق فريقاً جيّداً؟
  • كيف نبني فريقاً؟

في أوائل الأربعينات من القرن الماضي، كُلِّف ج. روبرت أوبيْنهايمِْر بتشكيل فريق للقيام بمهمّة سرّية للغاية عُرِفت بمشروع مانْهاتِن. في نهاية المطاف، عمل معاً الكثير من العلماء الشباب الذين أصبحوا مشهورين في ما بعد، في موقع معزول في لوس ألاموس، في نيو مكسيكو، وهم يطوّرون القنبلة الذرية الأولى. شكّل ذلك إنجازاً بارزاً، خصوصاً أنّ كثراً منهم كانوا شديدي الاعتزاز بأنفسهم. وكان ذلك ممكناً بفضل قدرة أوبينهايمر على تحويل هذه المجموعة إلى فريق حقيقي.

في الرياضة، وهي مجال آخر يتّصف فيه الكثير من المشاركين بالموهبة الهائلة كما بالاعتزاز الشديد بالنفس، تفوز بعض الفرَق لأنّها بكلّ بساطة تضمّ أفضل اللاعبين. ولكن، ثمّة فرَق أخرى تبقى دائماً بعيدة عن المراتب الأولى على الرغم من أنّها تضمّ لاعبين بالمستوى ذاته من المهارة، كما أنّ بعض الفرَق تحقّق البطولة مع أنّها لا تضمّ سوى لاعبين بمستوى عادي. هنا أيضاً، يكمن جزء من السرّ في العمل الجماعي: فمهما كان اللاعبون الفرديون جيّدين، لن يتمكّنوا من الفوز بالعدد نفسه من المباريات كما لو كانوا يعملون متّحدين.

وما يصحّ في العلم والرياضة قد يصحّ أيضاً في العمل المجتمعي. فغالباً ما يكون وراء القادة المجتمعيين الناجحين فرَقٌ جيّدة. وفي حالات كثيرة، قد تنجز الفرَق ما لا يستطيع الأفراد إنجازه.

ويشكّل العمل على فريق ناجح تجربة تعلّمية مهمّة بالنسبة إلى القادة المستقبليين. فهو يبرهن أنّه لا يمكن القيام بكلّ شيء عبر شخص واحد، ويظهر لهم ما يتطلّبه بناء فريق. كذلك، فإنّ القائد الذي سبق أن كان جزءاً من فريق جيّد سيكون قادراً على بناء فرَق جيّدة لأنّه يعلم كيف تبدو وكيف تكون.

والواقع أنّ إحدى أهمّ مهام القيادة تتمثّل في القدرة على تشكيل فريق جيّد ودعم أعضائه ليقوموا بأفضل ما في وسعهم. وسيوفّر هذا القسم دليلاً إلى تشكيل فرَقٍ تستطيع مساعدة منظّمتكم أو مبادرتكم على أن تكون فعّالة، وعلى بناء مثل هذه الفرَق.

ما هو الفريق وما هو بناء الفريق؟

ما هو الفريق؟

ليست الإجابة على هذا السؤال بهذه البساطة كما قد تبدو. فالكلّ يعلم ما هو الفريق: مجموعة من الأشخاص العاملين معاً سعياً نحو غاية مشتركة، صحيح؟ حسناً، في الواقع هذا صحيح وغير صحيح في آن. فالفريق هو فعلاً مجموعة ذات غاية مشتركة، ولكنّ الكثير من المجموعات لديها غاية مشتركة. والفريق يعمل معاً، ولكنّ الكثير من المجموعات تعمل معاً. فأعضاء الكونغرس في الولايات المتّحدة يعملون معاً سعياً نحو غاية مشتركة (إصدار القوانين الفضلى للبلد)، ولكن، لكلّ عضو اهتماماته ومعتقداته الخاصة — وجدول أعماله الخاص، أو “أجندته” الذاتية. فالكونغرس لا يُعدّ فريقاً أفضل من “فريق” كرة القدم المؤلّف من أطفال في السادسة يلعب كلّ منهم كأنّه الشخص الوحيد في الملعب.

في الواقع، الفريق هو مجموعة من الأشخاص الملتزمين ببعضهم البعض وبالفريق، وبمستوى عالٍ من الإنجاز، وبغاية مشتركة، وبرؤية مشتركة. وهم يفهمون أنّ نجاح الفريق يعتمد على عمل كلّ عضو.

والفريق الجيّد يعمل كجهاز واحد. فالأعضاء لا يعملون معاً سعياً نحو غاية مشتركة فحسب، بل يكمّلون ويدعمون بعضهم بعضاً حتّى يبدو أنّ عملهم لا تعتريه أيّ صعوبات. قارنوا فريق كرة القدم هذا المؤلّف من أطفال في السادسة و”أجندادتهم” الفردية، مع الفريق الوطني البرازيلي في ذروة عطائه. كان يبدو أنّ الكلّ لا يعلمون فقط ما يفعله جميع زملائهم في الفريق، بل ما سيفعلونه لاحقاً أيضاً. فالتمريرات صائبة دائماً، كأنّ نوعاً من القوّة الغامضة بين أعضاء الفريق كانت توجّه ركلاتهم. من دون شكّ، فقد أتى “سحرهم” نتيجة التمارين المتواصلة، ولكنّه كان أيضاً نتيجة شغف مشترك بالإنجاز، ورؤية مشتركة لتلك اللعبة السهلة والتلقائية التي كانت جميع الفرق الأخرى يبدو مربكا.

إذن، يجمع الفريقَ اهتماماً مشتركاً بالإنجاز، ورؤية مشتركة، وهما مختلفان عن الغاية المشتركة. فالحاجة إلى الإنجاز توفّر قوّة دفع. والرؤية لا توفّر غايةً فحسب، بل توفّر أيضاً اتجاهاً وبوصلة لبلوغها. وهي تُبقي الجميع في حركة في الاتجاه نفسه، وبالسرعة نفسها، عاملين معاً على تقليل الاحتكاك وزيادة الكفاءة قدر الإمكان في مسيرتهم.

وتكمن إحدى طرق تقليل الاحتكاكات ضمن الفرَق في التزام أعضائها بالعمل كفريق. فهم مستعدّون للتنازل عن معظم حاجتهم إلى التقدير الفردي من أجل النجاح في بلوغ الغاية. فإنجازات الفريق ككلّ هي التي تصبح مهمّة، وأعضاء الفرَق الجيّدة يحمّلون أنفسهم وبعضهم بعضاً المسؤولية.

وعندما يعمل الفريق بشكل جيّد، يبدو أشبه بفرد واحد يقوم بأمور متعدّدة في آن واحد، بدلاً من أن يبدو وكأنه تجمّع أفرادٍ يقوم كلّ واحد منهم بعمله الخاص. فالكلّ يصبح أعظم من مجموع الأجزاء: أي أنّ الفريق يستطيع أن ينجز كفريق أكثر ممّا قد يحقّقه جميع الأعضاء الفرديين إذا كان كلّ واحد منهم يعمل منفرداً.

ما هو بناء الفريق؟

إذاً، كيف نبني هذا النوع من الفريق، أي مجموعة الأشخاص التي تعمل كوِحدة، حتّى لو كان لكلّ واحد منهم مهمّة مختلفة؟ ثمّة في الواقع طريقتان للنظر إلى بناء الفرَق. الأولى هي تشكيل فريق من الصفر لهدف محدّد. وقد يكون هذا الهدف قصير الأمد (مثلاً: إجراء حملة جمع المال على نطاق محدود) أو أكثر زخماً وأبعد مدى بكثير (إطلاق مبادرة طويلة الأمد تُعنى بتغيير المجتمع المحلّي بشكل دائم، وتكوين فريق عمل لها).

ويحتاج أعضاء الفرَق إلى ثلاثة أنواع من المهارات: المهارات التقنية أو الوظيفية (أي الخبرة في المجال الذي يعملون فيه هم والفريق)؛ وحلّ المشكلات؛ والعلاقات بين الأفراد. والأمر المثالي هو أن نجد أشخاصاً يتحلّون بجميع هذه المهارات، ولكنّ الحقيقة أنّه سيكون عليكم على الأرجح أن تختاروا بعض الأشخاص بشكل خاص لكلّ من نقاط القوّة هذه. وجميعها مهمّة من دون شكّ. فإنجاز مهام الفريق بشكل فعّال يتطلّب مهارات تقنية ووظيفية؛ ومقاربة هذه المهام بطريقة منطقية تقتضي مستوى عالياً من مهارات حلّ المشكلات؛ أمّا الحماية من عرقلة عمل الفريق بنتيجة النزاع، أو الغيرة، أو مسائل أخرى مشابهة، فتشترط وجود مقدار كبير من المراعاة ومهارات العلاقات بين الأفراد.

وبالإضافة إلى البحث عن المهارات، علينا أن نجد الأشخاص المناسبين للوظائف المناسبة في الفريق، وأن نشكّل مجموعة تتلاءم جيّداً مع بعضها البعض. أمّا أن نعرف كيف سيتواءم الأشخاص مع بعضهم البعض، فهذه مسألة ترتبط إلى حدّ ما باتّباع الحدس، والإصغاء إلى ما يُنبؤنا به إحساسنا الباطني عن الطباع والشخصيات، والطرق التي يقدّم بها الأشخاص أنفسهم، وأنواع الكلمات التي يستخدمونها، ولغة أجسادهم، إلخ. وغالباً ما تكون هذه بأهمية خلفياتهم وتأهيلهم وذلك عند تحديد ما إذا كانوا سيشكّلون إضافات جيّدة إلى فريق محدّد.

ينصح جون كاتزِنْباخ ودوغْلاس سْميث، تحديداً، باختيار الأشخاص على أساس مهاراتهم، أكثر من شخصياتهم. بالنسبة إلى فريق إنتاج صناعي، قد تكون هذه النصيحة صائبة، إلا أنّ العمل المجتمعي يتطلّب عقلية مختلفة. في الواقع، تُعتبر الشخصية مهمّة للغاية، من حيث ارتباطها بـ”تواؤم” الفريق وبتواصل أعضاء الفريق مع الآخرين في المنظّمة وفي المجتمع المحلّي.

يعتمد جزء كبير جداً من نجاح العمل المجتمعي على العلاقات — مع المشاركين، ومع الزملاء، ومع المسؤولين، ومع الناس في المجتمع المحلّيأو الجماعة ككلّ – لذا، فإنّه من غير الممكن تجاهل الشخصية والأسلوب الشخصي هنا. على سبيل المثال، إنّ توظيف شخص لا يرتاح للفئة المستهدَفة في عمله، قد تكون نتائجه كارثية على عمل منظّمة ما. كذلك، إنّ اختيار عضو للفريق لا يستطيع الاتّفاق مع زملائه في الفريق، أو يختلف معهم حول المسائل الفلسفية أو حول أهمية غاية الفريق، قد يكون مصدراً للمتاعب أيضاً. لذلك، من الضروري حتماً، لدى اختيار فريقٍ، أن نعي تماماً، الطرقَ التي يؤثر بها الأشخاص على أعضاء الفريق الآخرين وعلى الناس المعنيين.(عن: The Wisdom of Teams).

 

في بعض النواحي، يُعتبر تشكيل فريق من الصفر أسهل من النوع الآخر من نوعَي بناء الفرَق الذي يتطلّب تحويل تلك المجموعة التي وظّفتموها للتوّ أو مجموعة موجودة مسبقاً، إلى فريق حقيقي يعمل معاً بشكل جيّد. في حالة المجموعة الموجودة مسبقاً، لديكم خيارات قليلة في تحديد مَن سيكون عضواً. وقد توجد خصومة أو نزاعات مزمنة بين بعض الأشخاص في المجموعة، أو قد تكون شخصياتٌ البعض من النوع الذي يصعب التعامل معه. فإذا لم يتمّ اختيار الأشخاص بحيث ينسجموا معاً من الأساس، فقد ينسجمون معاً بشكل جيّد بعد ذلك، أو قد لا ينسجموا.

ويتطلّب بناء فريق بحسب هذا المنظور الثاني قيادةً قوية ورؤية يمكن للفريق تبنّيها. فبالإضافة إلى محاولة مساعدة أعضاء الفريق على تعلّم العمل معاً كوحدة، علينا إيجاد طرق لبناء الالتزام بمفهوم الفريق وبالفريق نفسه، فضلاً عن مواجهة التحدّي المطروح على الفريق. أحياناً، تكون المجموعة القائمة فريقاً في الأساس، أو قريبة جداً من ذلك. فقد تكون لديهم رؤية يتشاركونها من قبل، ويعرفون بعض الأفكار حول كيفية تحقيقها. أما إنْ لم يصحّ ذلك، فقد تستغرق هذه العملية الكثير من الوقت والجهد، وعلينا أن نكون مستعدّين للصبر.

ما هي حسنات الفريق وسيّئاته؟

قد يكون تشكيل فريق من الأشخاص الماهرين الخيارَ هو الأفضل لإنجاز مهمّة محدّدة … أو قد لا يكون. فالفرَق، كما هي الحال بالنسبة إلى معظم الطرق الأخرى في معالجة المهام، لها وعليها. ويشمل بعض نقاط قوّة الفريق ما يلي:

  • الفريق يوسّع إطار ما يستطيع الأفراد القيام به: يستفيد أعضاء الفريق من حقيقة أن انتماءهم إلى مجموعةٍ يجعل من الممكن أن يقوموا بأمور لا يستطيعون بالضرورة القيام بها بمفردهم. والفريق الجيّد يدعم ويعزّز مهارات أعضائه وتعلّمهم، ويبرز أفضل ما لديهم. فالإنسان حيوان اجتماعي، ولطالما عملنا كجنس بشري في فرَق. حاول قتل فيل عملاق وذبحه بمفرك، هل تستطيع ذلك؟
  • تعدّد الأشخاص يعني مجموعة أوسع من الأفكار: قد تكون الفرَق أكثر إبداعاً من الأفراد، وهي تقارب الأمور من عددٍ أكبر من زوايا النظر.
  • قد تتمتّع الفرَق بمجموعة من المواهب والمهارات أغنى من أن نجدها مجتمعةٍ في شخص واحد: وهذا يزيد من دون شكّ فعاليتها وتنوّع الأمور التي تستطيع التصدي لها.
  • يتعلّم أعضاء الفريق مهارات جديدة من زملائهم: وهذا ما يزيد مهاراتهم الخاصة، ويوسّع أيضاً قدرات الفريق باستمرار.
  • العمل الجماعي أكثر كفاءةً من عمل عدد من الأشخاص منفردين: يعرف أعضاء الفريق الجيّد كيف يكلّفون الأشخاص المناسبين بالمهام، وكيف ينسّقون ما يقومون به للحصول على التأثير الأقصى.
  • يوفّر العمل الجماعي الإغاثة عندما يواجه أحد الأشخاص مشكلة: الدعم والمساعدة متوافران على الدوام في الفريق، والضغط النفسي أقلّ لأنّنا لا تقوم بالعمل وحدنا.
  • للأسباب نفسها، بما أنّ كلّ عضو يعرف أنّه مسؤول أمام الآخرين، فهذا يزيد من فعاليته: ما من أحد يريد أن يخذل الآخرين، أو أن يُعتبر بمثابة الحلقة الأضعف. فعندما يعمل فريق بشكل جيّد، يدرك جميع أعضائه الجزء الخاص بهم في مجمل المهمة، ويحاولون أن يضمنوا عدم تضييع عمل الآخرين بسببهم.
  • عضو الفريق يمتلك أكثر مما يقوم به: هو معني بالتخطيط لأعمال الفريق، ويستطيع أن يرى كيف يندرج عمله ضمن الهدف الأوسع للفريق والمنظّمة. فهو لا يشعر كأنّه يعمل في فراغ.
  • الفرَق الجيّدة تستطيع تنشئة القادة: إنّها تعطي الجميع فرصة إظهار ما يستطيعون القيام به، وممارسة القيادة عندما يكون ذلك مناسباً.
  • الرؤية المشتركة تُبقي الجميع في اتجاه واضح: التقدّم نحو الأمام.

لقد ذكرنا قائمة رائعة بنقاط القوّة، ولكن ثمّة نقاط ضعف أيضاً.

  • يستغرق اتّخاذ القرارات في الفريق وقتاً أطول من اتّخاذ القرارات فردياً، وقد يكون أصعب بكثير.
  • قد يكون المجهود الجماعي مجهوداً ضائعاً، تبعاً للمهمّة أو المشكلة: إن معالجة بعض الأمور قد تكون أسهل مع الأفراد.
  • قد يتوقف نجاح الفريق على العضو الأضعف أو الأقلّ فعالية في الفريق.
  • حالما يبدأ الفريق  بالسير في اتّجاه محدّد، حتّى لو كان الاتّجاه الخاطئ، فهو يبني زخماً. وقد يكون من الأصعب بالنسبة إلى الفريق أن يعود إلى مسار أفضل مقارنةً بالفرد.
  • في البداية بشكل خاص، عندما يكون الأعضاء ما زالوا في مرحلة التآلف: قد يتعثّر عمل الفرَق بسبب مسائل بين الأفراد، والنفور، واللوم.
  • من ناحية أخرى، إذا كان أعضاء الفريق متماسكين وملتزمين ببعضهم البعض وبالفريق،فقد يتردّدون في إبلاغ الأعضاء  الآخرين عندما يكون عملهم غير مرضٍ، أو عند الإشارة إلى أنّ الفريق لا يحقّق أيّ نتيجة.
  • قد يفقد الأفراد في الفريق الحافزَ بسبب غياب التقدير الفردي لقيمة عملهم: فالتوازن بين الجهد الجماعي والتقدير الفردي هو مسألة حسّاسة.

ثمّة سؤال قد يُطرَح هنا وهو “لماذا بناء الفرَق مقابل بناء المجموعات؟” والإجابة هي أنّ المجموعة ليست سوى عدد من الأشخاص المجموعين للعمل سعياً نحو غاية معيّنة. قد لا يكون أعضاؤها شديدي الارتباط ببعضهم البعض، وقد يهتمّون قليلاً أو لا يهتمّون مطلقاً بإنجاز الغاية فعلاً، وقد لا تهمّهم الغاية نفسها أو آثارها.

قد توفّر المجموعة بعض حسنات الفريق الواردة أعلاه، ولكن ذلك لا يشكّل معطى مؤكّد. المعطى هو أنّه لن يكون لديها رؤية مشتركة، وأنّه ستتميّز على الأرجح بمعظم السيّئات التي يمكن أن تتّصف بها الفرَق.

تصبح المجموعة فريقاً عندما تبني رؤية مشتركة، وتطوّر غحساساً بنفسها كفريق، وتكرّس ذاتها لنوعية إنجازها، وتحتضن المساءلة المتبادلة، وتبذل أقصى جهودها في سبيل غايتها ومرماها. وبحسب كاتزنْباخ وسْميْث، يصبح الفريق “فريقاً عالي الأداء” عندما يضاف التزام الأعضاء بالنمو الشخصي والنجاح عند أحدهم الآخر. وهذا الالتزام هو الذي يستطيع أن يولّد بعض أعظم المنافع التي يمكن يقدّمها الفريق.

متى يجب أن نبني فريقاً؟

لقد بحث علماء النفس الاجتماعيون في الفروق بين طرق أداء الأشخاص عندما يكونون محاطين بآخرين وعندما يكونون بمفردهم. وانطلاقاً من هذه المشاهدات، تمّ استخلاص بعض الخطوط التوجيهية العامة حول متى يُرجَّح أن يكون الفريق أكثر فعالية من الفرد. في ما يلي بعض أهمّ هذه الخطوط التوجيهية:

  • بشكل عام، يتمتّع الأشخاص في الفريق بالمهارات لمعالجة المهمّة المطروحة.
  • تتطلّب المهمّة المهارات المتكاملة لدى عدد من الأشخاص.
  • تتطلّب المهمّة بشكل خاص عدّة أشخاص (كنقل بيانو مثلاً).
  • لا يرتكز نجاح المهمّة على أداء العضو الأضعف في الفريق.
  • يتمتّع أعضاء الفريق بالخبرة في العمل في فرَق.
  • تُعطى للمهمّة أهمية كبيرة.
  • الالتزام الجماعي بالمهمّة كبير.

وليس من الضرورة أن تتوافر جميع هذه الشروط لكي يكون اعتماد الفريق خياراً جيّداً، ولكن يجب أن يتححق بعضها. وكلّما كثرت الشروط المتوافرة، زاد احتمال نجاح الفريق.

وللأسباب نفسها، تشير معكوس هذه الخطوط (مثلاً: الناس بشكل عام لا يتمتّعون بالمهارات المطلوبة لمعالجة المهمّة) إلى أنّ الفريق ليس على الأرجح طريقة فعّالة للتعامل مع المهمّة المطروحة. وبالإضافة إلى هذه النواحي السلبية، لا تكون الفرَق على الأرجح ضرورية أو ناجحة عندما يقدر عضو خبير واحد بمفرده أن يعالج المهمّة، و/أو عندما تكون المهلة قصيرة.

استناداً إلى هذه المبادئ التوجيهية، يمكن استخدام الفريق في كلّ حالة تقريباً تتطلّب عمل عدّة أشخاص. ولكن، ثمة أوقات محدّدة قد تنجح فيها الفرَق بشكل خاص:

  • بناء خطّة استراتيجية لمخاطبة المسائل المجتمعية: المقاربة التشاركية للتخطيط قد تقتضي بناء فريق مجتمعي لتطوير خطّة استراتيجية. (للمزيد عن التخطيط الاستراتيجي، انظروا الفصل 8: بناء خطّة استراتيجية.)
  • بدء منظّمة أو مبادرة جديدة: قد نشكّل فريقاً مجتمعياً للتخطيط لكيان جديد. (انظروا الفصل 9، القسم 2: اختيار مجموعة لخلق المبادرة وإدارتها.)
  • بدء برنامج أو تدخّل جديد من ضمن منظّمة أو مبادرة: قد يخطّط فريق مجتمعي لتدخّل جديد أو يبدأ بتطبيقه. (انظروا الفصل 18، القسم 2: مقاربات تشاركية في التخطيط لتدخّلات مجتمعية.)
  • بدء ائتلاف: هنا أيضاً، قد يكون الفريق المجتمعي مفيداً من أجل التخطيط لائتلاف جديد وإطلاقه. (انظروا الفصل 5، القسم 5: إنشاء الائتلاف (1): بدء ائتلاف.)
  • التخطيط لتقدير حاجات المجتمع المحلّي وتنفيذ عملية التقدير: الفريق المتنوّع الذي يخطّط، ويتواصل مع المجتمع المحلّي، ويجمع المعلومات ويحلّلها، ويقدّم تقارير عن النتائج، قادر على إجراء تقدير دقيق وكفؤ. (انظروا الفصل 3: تقدير حاجات المجتمع المحلّي وموارده  لمزيد من المعلومات عن التقديرات المجتمعية).
  • تقييم منظّمة، أو مبادرة، أو تدخّل: غالباً ما يُنجَز التقييم الأفضل من قبل فريق من المقيّمين الذين يجلبون معهم وجهات نظر مختلفة إلى العملية. (انظروا الفصل 36، القسم 4: اختيار المقيِّمين.)
  • قيادة حملة مناداة، أو مناصرة، بغاية محدّدة: هنا، قد ينجم كل الفرق من وجود فريق يتولّى الاتّصالات، والوصول إلى المجتمع المحلّي، والاتّصال بالمشرّعين وغيرهم من صانعي السياسات (انظروا الفصل 30، القسم 1: نظرة عامة: إقلاع حملة المناداة).
  • إدارة حدث أو حملة لجمع الأموال: بغضّ النظر عمّا إذا كنا نبيع أغراضاً مستعملة لتمويل شراء آلة فاكس جديدة، أو نحاول جمع 50 ألف دولار$ لدعم مبادرتنا فإن الفريق الجيّد يمكنه أن ينشر عن العمل، وأن يجعل النجاح ممكناً أكثر.
  • تشكيل طاقم عمل لمنظّمة أو مبادرة وإدارتها: يمكن تنظيم الطاقم في فرَق يتولّى كلّ منها مسؤولية ناحية معيّنة من عمل الكيان. وثمّة إمكانية أخرى هنا، لا سيّما في المنظّمات الأصغر، وهي أن يعمل جميع أفراد الطاقم كفريق واحد، سعياً نحو رؤية مشتركة.
  • الانخراط في المناداة المتواصلة: قد تزيد المقاربة الجماعية من فعالية المناداة، لا سيّما إذا كان أعضاء الفريق يمثّلون عناصر مختلفة من الناس. (انظروا الفصل 33، القسم 10: القواعد العامة لتنظيم مناداة تشريعية).
  • القيام بوظيفة محدّدة ضمن برنامج مجتمعي أو مبادرة مجتمعية: تشكّل منظّمات كثيرة للخدمات الصحّية والمجتمعية فرَقاً لمخاطبة مسائل محدّدة أو فئات محدّدة. فقد تضمّ عيادةٌ صحّية طبيباً، وعاملاً اجتماعياً، وممرّضة أو قابلة قانونية، ومساعداً أو مساعدَين للطبيب أو ممرّضين/ات بالممارسة، وبعض الممرّضين/ات المؤهلين، يعملون معاً جميعاً كفريق لتقدير أوضاع العائلات وتقديم العلاج لها. وكثيراً ما تعتمد مراكز الصحّة النفسية مقاربة جماعية تشمل مديراً للحالات وعدّة معالجين لخدمة عدد من الأشخاص. كذلك، كثيراً ما يعمل مزوّدي رعاية الطفل، والمعلّمون/ات (لا سيّما في المدارس المتوسطة حيث تكون المقاربة الفريقية هي القاعدة) وناشطو التوعية في الشوارع، وغيرهم، بهذه الطريقة أيضاً.
  • تغيير المجتمع المحلّي على المدى البعيد: إنّ تنظيم المجتمع المحلّي وتطويره هما عمليتان طويلتا الأمد. وكثيراً ما تكونان صعبتين ومحبِطتين، وهما تعتمدان على تفاني المشتركين في العمل. أمّا المقاربة الفريقية فلا تتيح المزيد من النشاطات فحسب، بل تُبقي جميع المشتركين على علم بما يقوم به الأشخاص الآخرون كافة. وهذا يعني أنّه بإمكان الفريق أن يكون أكثر كفاءةً وألا يكرر الخدمات نفسها مرّتين، وأنّه يتمتّع بالقدرة على تغيير ما يقوم به فور ورود معلومات جديدة. وقد يزيد الدعم المتبادل أيضاً من فعالية الفريق وقدرته على الاستمرار على المدى البعيد.

ما الذي يجعل الفريق فريقاً جيّداً؟

ليست جميع الفرَق الجيّدة متماثلة، ولكنّ الفرَق الجيّدة فعلاً كثيراً ما تتمتع بعدد من الخصائص المتشابهة. بحث وارين بيْنيْس وباتريسْيا وارد بِيدَرمان في كتابهما في ستّ مجموعات شهيرة، من بينها فريق مشروع مانهاتن (المذكور أعلاه) من أجل فهم العوامل التي تعزّز التعاون المبدع. في ما يلي دروسهما الـ15 الأساسية عن “المجموعات العظيمة” (بفضل مساهمة من سْتيف فُوسِيْت). و”المجموعة العظيمة” هي نسخة بينيس وبيدرمان عن فريق كاتزنباخ وسميث “العالي الأداء”:

  • تبدأ العظمة بأشخاص رائعين: الأشخاص الذين يرون الأمور بطريقة مختلفة، ويتمتّعون بموهبة في إيجاد مشكلات مهمّة ومثيرة للاهتمام، ويتمتّعون بمهارة حلّ المشكلات، ويرون الصلات أو العلاقات بين الأمور، ويتمتّعون بـ”خبرة عامة غنية” مع اهتمامات واسعة وأطر مرجعية متعدّدة.
  • المجموعات العظيمة والقادة العظماء يبنون أحدهم الآخر: يبني أفضل القادة أوضاعاً يستطيع الآخرون صنع فَرْق فيها، ويحافظون على هذه الأوضاع.
  • لكلّ مجموعة عظيمة قائد قوي: قد يتصرّف القادة تصرف “الحالمين الواقعيين” برؤى فريدة ولكن ممكنة، أو كـ”أوصياء” يجدون الامتياز في الآخرين ويلتقطونه، أو كمنسّقين لروابط المتطوعين حول “مشاريع عظيمة”، أو كـ” قادة أوركسترا” يفهمون العمل وما يقتضيه إنتاجه.

يستند بينيس وبيدرمان في خلاصاتهما على الفرَق الستّة التي درساها. في حالات أخرى، عملت الفرَق الناجحة جيّداً مع قيادة تعاونية من مختلف الأنواع. ربّما كان من المنطقي أن نقول إنّ وجود نوع من القيادة هو أمر ضروري، وقد يكون القائد الواحد القوي هو التجسيد الأكثر فعالية لهذه القيادة.

  • يحبّ قادة المجموعات العظيمة الموهبة ويعرفون أين يجدونها: يعثر الأشخاص الموهوبون على المواقع الواعدة والمليئة بالطاقة حيث يُصنَع المستقبل. والقادة يساعدون على ربط المجموعات بشبكات الأشخاص، والأفكار، والموارد التي تعزّز عمل المجموعة. كذلك، فإنّ الشبكات الأكثر تنوّعاً تزيد فرص حصول الصلات الجديدة. والمشاركون يعلمون أنّ دمجهم في المجموعة هو علامة على الامتياز.
  • تزخر المجموعات العظيمة بالأشخاص الموهوبين الذين يستطيعون العمل معاً: يقبل الأعضاء مسؤولياتهم في تشارُك المعلومات وتقدّم العمل. وهم يتقبّلون الخصوصيات ويحاولون أن يكونوا زملاء جيّدين يعملون على تقدّم الهدف المشترك.
  • تؤمن المجموعات العظيمة بأنّ رسالتها تأتي من الله: يؤمن الأعضاء أنّهم يقومون بأمر جوهري، فالعمل أشبه بحملة عنيفة أكثر من كونه وظيفة. والرؤية القوية تساعدهم على اعتبار الخسائر بمثابة تضحية. أمّا هدفهم الواضح والجماعي فيجعل كلّ ما يقومون به يبدو ذا معنى وقيمة. كذلك، فإنّ أعضاء الأجيال السابقة يخبرون الأجيال الأجدّ بما يقومون به ولماذا، وكيف يمكن للأعضاء الجدد أن يساهموا.
  • كلّ مجموعة عظيمة هي جزيرة، ولكنّها جزيرة يربطها جسر بالبر: إنّ الأشخاص الذين يحاولون تغيير العالم يجب أن يُعزَلوا عنه، وأن يبتعدوا عن إلهاءاته، على أن يكونوا قادرين على الاستفادة في الوقت نفسه من موارده. وينبغي أن يكون العمل كثيفاً وممتعا.
  • ترى المجموعات العظيمة أنّها المُستضعف الفائز: إنّها مشاكِسة، وتلعب دور داوود الذي يرمي جالوت بأفكار جديدة. أفرادها يرون في أنفسهم خصوماً ماكرين يواجهون منافسين أكبر.
  • المجموعات العظيمة لها عدو دائماً: فهي مشتركة في “حرب ضد المخدّرات” أو “حرب ضد الفقر”. وهذا يزيد الرهان على المنافسة، ما يساعد المجموعة على الالتئام وتحديد نفسها.
  • الأشخاص في المجموعات العظيمة يغمرهم حبّ أعمى لعملهم: فهم شغوفون بالمهمّة المطروحة، ويكرّسون أنفسهم للعمل بطريقة استثنائية.
  • المجموعات العظيمة متفائلة، وليست واقعية: إنّهم أشخاص موهوبون يؤمنون أنّهم سينجزون أموراً رائعة معاً. أمّا صعوبة المهمّة فتزيد من رونقها.
  • في المجموعات العظيمة، تُعطى الوظيفة المناسبة للشخص المناسب: يُسمَح للأشخاص الموهوبين بأن يقوموا بأفضل ما يناسبهم من عمل.
  • قادة المجموعات العظيمة يعطونها ما تحتاج إليه ويحرّرونها من الباقي: يساعد القادة على استدراج “تحدٍّ يستحقّ الجهد”، أي مهمّة تسمح للأشخاص باستخدام مواهبهم بشكل كامل. فهم يوفّرون الأدوات اللازمة للعمل، ويساعدون على تشارُك المعلومات والأفكار من خلال إقامة ندوات أسبوعية تُطرح فيها المشكلات والمعضلات، وتُستكشف الأفكار الجديدة. كذلك، فإنّهم يساعدون الأعضاء على إدارة الضغط النفسي، وتهيئة جو من اللباقة ودعمه، وحماية المجموعة من المؤسّسة الأوسع ومن البيئة.
  • المجموعات العظيمة تتحرّك: إنّها أماكن عمل، وليست مجرّد أماكن للتفكير. فهي تقوم بالعمل الفعلي، وتسلّم المنتجات والخدمات في الوقت المحدّد.
  • العمل العظيم هو المكافأة بحدّ ذاته: إنّهم يشتركون في حلّ مشكلات صعبة ومهمة. فالعمل يهمّ الأشخاص – أولئك الذين يتلقّون الخدمة والذين يقومون بالعمل.

(المصدر: Organizing Genius: The Secrets of Creative Collaboration (Reading, MA: Addison-Wesley Publishing Company, Inc., 1997.pp 196-218)

كيف نبني فريقاً؟

ينطوي بناء فريق جيّد يتطلب ما هو أكثر بكثير من مجرّد اختيار الأعضاء. فهذه ليست سوى الخطوة الأولى، حتّى أنّكم قد لا تحصلون على الفرصة للقيام بذلك إذا كنتم تعملون مع مجموعة موجودة مسبقاً. فتطوير الرؤية وإيصالها، والتخطيط لرسالة الفريق حتى تُناسِب الرؤية، والتفكير في كيفية عمل الأشخاص مع بعضهم البعض، ومن ثمّ تحسين ذلك مع الوقت؛ جميعها ليست إلاّ بعض العناصر الأخرى التي ينطوي عليها بناء الفريق.

في ما يلي مبادئ إرشادية، ليس المقصود بها توفير دليل مفصّل لبناء الفرَق. فبعض عناصر العملية قد تتحقّق مع الوقت في خلال نشاطات الفريق. وقد تصل عناصر أخرى إلى نقاط حرجة وتُعالَج في حينها. فلكلّ فريق فرادته، وما من صيغة واحدة للنجاح أو الامتياز.

اختيار أعضاء الفريق

تُذكر العوامل أدناه وكأنّ شخصاً واحداً سيختار الفريق، وهذا كثيراً ما يحصل. ولكن قد يحصل كثيراً أيضاً أن يختار الفريق أعضاءه، أو أن يشارك أعضاء الفريق في اختيار ما تبقّى من الفريق عند انضمامهم. وهذا مثالي من نواحٍ عدّة، طالما أنّ الجميع يفهم ما هو المهمّ بالنسبة إلى المهمّة، وطالما أنّ لديه فهماً أساسياً على الأقلّ لكيف يجب على الفريق أن يتوءم مع بعضه البعض.

عندما وظّف أشخاصاً جدداً لفريق بشكل خاص، أو إذا كنا نختار من بين الموظّفين الموجودين مسبقاً في منظّمة ما، فعلينا أن نأخذ عدداً من العوامل في الاعتبار.

نبدا بأفضل الأشخاص الذين يمكن إيجادهم: ما من فريق أفضل من أعضائه، لذلك، من المهمّ للغاية إيجاد أفضل الأشخاص للوظائف المطروحة. ولكنّ “الأفضل” لا يعني دائماً الشخص الذي يستطيع أن يقوم بالعمل على نحو أفضل من أيّ شخص آخر. فقد يكون أحد الأطبّاء رائعاً في أداء العمل، ولكن يصعب العمل معه أو أنّه يغار من نجاحات الآخرين. فمن المنطقي أكثر اختيار ثاني أفضل شخص في العمل (علماً أنّه يقوم بالعمل على نحو جيّد جداً أيضاً) ولكنّه يكون أفضل من زاوية كونه عضواً في فريق. (لمزيد من المعلومات حول عملية توظيف أشخاص لمراكز في فريق، انظروا الفصل 10: توظيف الموظّفين الأساسيين في المنظّمات المجتمعية وتدريبهم، الأقسام 1 إلى 4،).

نختار أعضاء الفريق بحيث يقوم  مواءمة جيّدة بينهم: سبق أن ذُكرت مسألة المواءمة، ولا يمكننا أن نغالي فيها. ولكي يتواءم أعضاء الفريق جيّداً مع بعضهم البعض، وينسجموا، عليهم أن يتواصلوا على أكثر من مستوى:

  1. الشخصية: ليس بالضرورة أن يصبح الأشخاص أعزّ الأصدقاء، ولكن ينبغي أن يحترموا بعضهم بعضاً على الأقلّ، لا بل أن يعجِبوا بعضهم بعضاً أيضاً. فهم سيمضون الكثير من الوقت معاً: ومن المثمر كثيراً بالنسبة إلى نجاح الفريق أن يكون هذا الوقت مصدر متعة. إضافةً إلى ذلك، كلّما أُعجِب الأشخاص أحدهم بالآخر، وحترم أحدهم الآخر، زاد تواصلهم ووفاؤهم للفريق وعمله. وهذان الشرطان يزيدان من فعالية الفريق. لذا ، عندما يتمّ اختيار أعضاء الفريق، من الضروري البحث في ما إذا كان كلّ شخص سيتّفق جيّداً مع الآخرين، وما الذي سيضيفه إلى شخصية الفريق أو سيسلبه منها.
  2. النظرة إلى العالم: من المهمّ أن تكون الغايات العامة متشابهة لدى جميع المشتركين ، لا سيّما في الأعمال المتعلّقة بالصحّة، والخدمات الإنسانية، والعمل المجتمعي. إذا كان بعض أعضاء الفريق يرون أنّ تمكين المشاركين هو أمر ذو أهمية قصوى، فيما يرى آخرون أنّ المشاركين مزعجون ومعيقون، فسيحدث خلاف. لن يختلف أعضاء الفريق وربّما عملوا ضدّ بعضهم البعض فحسب، بل سيضعف الهدف العام لعمل الفريق أيضاً. لذلك، من الضروري أن تكون الرؤية الأساسية لهدف الفريق مشتركة. وعند اختيار أعضاء الفريق، ينبغي على مواقف الناس ونظراتهم العامة للعالم أن تلعب دوراً كبيراً.
  3. أخلاقيات العمل: ليس على أعضاء الفريق أن يكونوا مدمنين على العمل، ولكن ينبغي أن تكون لديهم أخلاقيات متشابهة في العمل ومفاهيم متشابهة لما يعنيه القيام بعمل جيّد. إذا حصل ذلك، فلن ينزعج أحد لأنّه يعمل أكثر من غيره، أو لأنّ أحد الأشخاص لا يقوم بعمله كاملاً.
  4. القدرة على استخدام الخلاف والنزاع بشكل جيّد: يجب أن يكون أعضاء الفريق قادرين على الاختلاف بطريقة إيجابية، وعلى استخدام خلافاتهم واختلافاتهم حول العمل من أجل التوصّل إلى حلول أفضل. ويجب أن يكونوا مستعدّين للتعبير عن هذه الخلافات، لأنّ الخلاف كثيراً ما يكون منبعاً للأفكار الجيّدة. وفي الوقت نفسه، يجب أن يكونوا قادرين على إزالة مثل هذه الخلافات من الناحية الشخصية، والنظر إليها باعتبارها مشكلات ينبغي حلّها من خلال الإبداع والاحترام المتبادل.

ابحثوا عن أعضاء من خلفيات ووجهات نظر متنوّعة: يبدو واضحاً أنّه كلما تنوعت الأطر المرجعية التي يمكن تجربتها في مسألة ما أو في مجتمع محلّي معيّن كان ذاك من الأفضل. فالفرَق المتنوّعة من نواحٍ مختلفة — الخلفية، والتأهيل، والثقافة، إلخ — تجلب معها إلى العمل الذي تقوم به مجموعةً من المهارات ووجهات النظر. لذلك، فإنّ اختيار أعضاء الفريق مع الأخذ بعين الاعتبار ما يجلبونه إلى الخليط قد يبني مجموعة أكثر ديناميكيةً وإبداعاً.

ابحثوا عن أعضاء ملتزمين بمفهوم العمل كفريق: كثيراً ما يتطلّب العمل الجماعي أن يضع الأشخاص اهتماماتهم الفردية جانباً، بغية إنجاز غايات الفريق. على أعضاء الفريق أن يفهموا بالضبط ما يعنيه العمل كجزء من فريق. عليهم أن يكونوا مستعدّين للتنازل — لا سيّما عندما يعلمون أنّهم على حقّ – وأن يحافظوا على بيئة جماعية تسودها اللباقة والاحترام المتبادل. وبشكل خاص أكثر، عليهم أن يتخلّوا عن اعتزازهم بأنفسهم لكي ينجح الفريق.

ابحثوا عن أعضاء ملتزمين برؤية الفريق التوجيهية: قد يجري تطوير الرؤية على نحو مشترك (انظروا أدناه)، أو قد تكون موجودة مسبقاً قبل تشكيل الفريق. في الحالتين، يشكّل الإيمان بها والاستعداد للنضال من أجل تحقيقها جزءاً كبيراً ممّا سيؤدي على إنجاح الفريق على المدى البعيد. إن على كلّ مَن نختار عليه أن يتحلّى بالشغف المطلوب لبناء هذا النوع من الالتزام، وبنظرة إلى العالم تسمح بالالتزام برؤية الفريق المحدّدة.

عليكم بأشخاص يتمتّعون بحس الفكاهة: إنّ عمل المنظّمات والمبادرات المجتمعية والقاعدية يكون دائماً صعباً، وكثيراً ما يكون مُحبِطاً، ونادراً ما يكون مجزياً مالياً، هذا إذا كان مدفوع الأجر أصلاً. . لذلك، يحتاج الأشخاص إلى حسّ الفكاهة وموقفٍ مرحٍ للمحافظة على حماستهم، وللتعامل مع خيبات الأمل أو الإخفاقات التي تشكّل جزءاً لا مفرّ منه حتّى بالنسبة إلى الجهود الأكثر نجاحاً. فحسّ الفكاهة الذي يسخّف الأمور المريعة والذي يجده بعض الناس منفّراً في الحالات المتعلّقة بالصحّة والخدمات الإنسانية، كثيراً ما يُعتبر ضرورياً لكي تعمل المنظّمة بسلاسة، تماماً كضرورة كفاءة الموظّفين وتفانيهم في العمل الذي يقومون به.

في المسلسل التلفزيوني “MASH”، يواجه الأطبّاء والممرّضون في مستشفى نقّال في خلال الحرب الكورية، ظروفاً رهيبة وعذاب المرضى المصابين إصاباتٍ مبرحة. وكان حسّ الفكاهة سبيلهم إلى المحافظة على هدوء أعصابهم. لو لم يكونوا قادرين على تحويل وضعهم إلى دعابة ومزاح، لأصبح الأمر غير محتمل بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى المشاهدين.

بناء الفريق

بعد أن يتمّ تشكيل مجموعة من أعضاء الفريق (سواء من خلال التوظيف، أو الاختيار من بين موظّفي منظّمة موجودة مسبقاً، أو اتّخاذ مجموعة موجودة مسبقاً)، يجب أن تتحوّل هذه المجموعة إلى فريق فعلي. وكلّما قلّ الاهتمام بتشكيل المجموعة، زادت صعوبة هذه المهمّة. ينطبق جميع ما يلي على الفرَق المختارة بعناية لأهداف محدّدة، كما تنطبق على المجموعات الموجودة مسبقاً التي عليها أن تصبح فرَقاً. ولكنّ بعض النقاط (حلّ المسائل الشخصية، أو إيضاح مفهوم الفريق) يتعلّق بشكل خاص بهذه المجموعات أكثر من علاقته بتلك التي تمّ اختيار اعضائها بعناية.

نبدأ بالرؤية: كما ذكرنا مرّات عدّة أعلاه، يحتاج الفريق إلى رؤيةٍ يكون شغوفاً بها. ويمكن تطوير هذه الرؤية من خلال عدد من الطرق:

  1. قد تكون الرؤية هي لقائد قوي ومبدع: يتمتّع القائد الذي يسعى إلى التحول برؤية تشد الآخرين معها: (انظروا الفصل 13، القسم 3: أساليب القيادة).
  2. قد يشكّل ذلك بكلّ بساطة تطويراً لما يقوم به الفريق فعلاً: إن تغيير شكل العمل في منظّمةٍ ما لكي يتحوّل إلى مقاربة جماعية قد لا ينطوي مثلاً على تغيير في الرؤية، ولكنّه قد يشكّل بكلّ بساطة إيضاحاً لما سبق أن كان غاية المنظّمة ومرماها، أو التزاماً جديداً به.
  3. قد تكون رؤية جماعية: إنّ إحدى الطرق للبدء ببناء الفريق هي جعله يطوّر رؤيته الإرشادية. في الفريق الذي تكون القيادة فيه تعاونية، يجب أن تنبع الرؤية من عملية جماعية، عموما. وفي حال وجود قائد مختار، يمكنهم بكلّ بساطة أن ينضمّ إلى المجموعة لتطوير الرؤية، وهكذا تصبح الرؤية  رؤيته/ا أيضاً.
  4. قد تنبع الرؤية من عملية تخطيط استراتيجي على نطاق المنظّمة أو المجتمع المحلّي. قد تتناول الرؤية احتياجات المجتمع المحلّي أو الفئة المستهدفة مباشرةً. (انظروا الفصل 8، القسم 2: التصريح عن الحلم: تطوير الرؤية والرسالة).

وبغضّ النظر عن كيفية التوصّل إلى الرؤية، يحتاج الفريق إلى أن يتبنّاها لكي يكون ناجحاً. وهذا يعني إمّا أنّ الرؤية يجب أن تتّسق مع ما يلتزم به أعضاء الفريق مسبقاً، أو أنّ عليهم أن يشتركوا في تطويرها.

نبني روابط الفريق: في البداية، غالباً ما يكون من المفيد بناء التماسك من خلال أحد أنواع النشاطات لتوثيق الروابط المناسبة لطبيعة المجموعة (مثلاً: لن تأخذوا فريقاً من موظّفي المراتب العليا إلى رحلة صعبة في البرية). في ما يلي بعض الأفكار:

  1. الخلوة: اجتماع ليوم كامل أو لعدّة أيام في مكان يمكن لأعضاء الفريق أن يتعرّفوا فيه إلى بعضهم البعض، وأن يطوّروا ويعززوا التزامهم بالفريق وهدفه.
  2. نشاطات توثيق محدّدة: هذه  نشاطات لا يكون النجاح ممكناً فيها إلا عن طريق العمل الجماعي. وحيثما أمكن، فإن النشاطات الخارجية قد تلبي الغرض هنا، كتسلّق التلال أو الصخور، أو النزهات في الطبيعة أو الجبال أو الأحراش، أو الألعاب التعاونية. وثمّة احتمال آخر، وهو حلّ المشكلات جماعياً، ربما مع التركيز على مهمّة الفريق. ويشكّل الضحك عنصراً مهمّاً هنا، إضافةً إلى الفرصة في العمل معاً.
  3. التواصل الاجتماعي: إنّ تحضير الوجبات وتناولها معاً، والقيام بنشاط ممتع كنزهة في الهواء الطلق، ولعب الموسيقى، ومشاهدة مسرحية، إلخ، مع العائلات أو بدونها يمكنها أن  تبني روابط بين أعضاء الفريق.
  4. إنشاء تقاليد للفريق: قد يساعد على شدّ أواصر الفريق تناولُ الغداء معاً، أو الاتّفاق على موعد ثابت للغداء أو لعبة ورق بعد العمل، أو “الجوائز” الوهمية، أو قصة يجري تشاركها بالبريد الإلكتروني باستمرار ويساهم فيها الجميع.

نتأكّد من أنّ مفهوم الفريق واضح تماماً، وأنّ الجميع يفهم ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة إليهم.

نُشرِك الفريق في التخطيط معاً لكيف سيؤدي عمله وما سيقوم به الفريق وكلّ من أعضائه: كلّما زادت سيطرة أعضاء الفريق على عملهم، ازدادت فرص أداء أعمالهم بشكل جيّد.

نعالج المسائل الشخصية: (قد يشكّل ذلك ضرورة مستمرّة. إذ يجب أن يبدأ لدى تشكيل الفريق من أجل محاولة حلّ المسائل في أقرب وقت ممكن.) وأيّ مسائل شخصية تعيق سلاسة سير الفريق يجب مواجهتها وحلّها في البداية. وقد تُحَلّ بعض هذه المسائل بسرية مع شخص واحد، بينما قد تتطلّب مسائل أخرى انتباه المجموعة بكاملها. في ما يلي بعض المسائل الشائعة لمعالجتها:

  1. النزاعات أو المسائل الأخرى بين أعضاء المجموعة أو لدى هؤلاء الأعضاء: لا يمكن بالضرورة أن نجعل الأشخاص يعجب أحدهم بالآخر. ولكن، يمكن التشديد على مواجهة النزاعات وحلّها، وعلى التصرّف بلباقة، وعلى عدم السماح للخصومة بين الأشخاص بأن تعيق عمل الفريق.
  2. الحاجة إلى التقدير الذاتي: قد يعتبر الأفراد أنفسهم دائماً (عن حقّ أو عن غير حقّ) أصحاب الأفكار، وأصحاب الحلول للمشكلات، وقوّة الدفع الكامنة وراء نجاحات الفريق، إلخ. في أوقات معيّنة يكون ذلك مناسباً، ولكن إذا استمرّ فقد يدمّر تماسك الفريق.
  3. عدم القدرة على التنازل عن الأفكار أو التخلّي عنها: تشكّل المرونة ميزة أساسية يجب أن يتحلّى بها عضو الفريق الجيّد. صحيح أنّ طرح الأفكار مهمّ، ولكن من المهمّ أيضاً أن نفهم متى يجب التخلّي عنها، أو إدخال بعض جوانبها ضمن مفهوم شخص آخر، وذلك من أجل التقدّم.
  4. عدم الالتزام بالعمل: من أجل أن يعمل الفريق جيّداً، ينبغي أن يؤمن كلّ عضو بما يقوم به، وأن ينجز عمله بأفضل ما بوسعه. ولكن ما لم يكن الأعضاء ملتزمين بالعمل، فإن ذلك، بكلّ بساطة ، لن يحصل,

إنّ المشكلات الناتجة عن هذه الأنواع من المسائل قد تكون هي الأصعب على الحل، ولكنها قد تدمّر الفريق إذا تركناها تتفاقم.

ضعوا قواعد للفريق: ينبغي أن يتّفق الفريق حول طرق تعامل الأعضاء فيما بينهم، وحول كيفية حلّ المسائل. كذلك، يجب أن تكون معايير الفريق صادرة عن الفريق ككلّ، وأن تُدرَس بالتفصيل، لكي يراها الجميع عادلة ومنطقية.

وتشتمل النواحي التي قد تتمّ تغطيتها على ما يلي:

  • اللباقة: حتّى في أوج الجدال، يجب أن يكون ثمّة اتّفاق عام على أنّ الشتائم، والتهجّمات الشخصية، والتهديدات، وما شابه ذلك، هي أمور خارجة عن حدود اللباقة. فقد يكون النقاش حاداً، ولكن، ينبغي ألا يهدّد الصلة التي تحافظ على تماسك الفريق.
  • حلّ النزاعات: ينبغي أن توجد سبل واضحة للتعامل مع النزاع بحيث يتقلص احتمال تركه من دون حلّ، أو تسبّبه بانقسامات دائمة بين أعضاء الفريق.
  • التواصل: يحتاج أعضاء الفريق إلى الوصول السهل والمباشر إلى بعضهم البعض، كما أنّهم يحتاجون إلى تمرير المعلومات بسرعة وكفاءة، كي لا يبقى أحد على الهامش. إنّ وضع أنظمة للحفاظ على هذا المستوى من التواصل يشكّل جزءاً مهمّاً من تشكيل الفرَق.
  • المسؤوليات: صحيح أنّ أعضاء الفريق يعرفون مسبقاً مسؤولياتهم الوظيفية، ولكن، عليهم أيضاً أن يفهموا مسؤولياتهم الشخصية في المحافظة على الفريق. على سبيل المثال، إذا كان أحد الأشخاص يواجه مشكلة مع سلوك عضو آخر في الفريق، فيجب أن يكون مسؤولاً عن طرح الموضوع بالطريقة المناسبة، بدلاً من الانتظار حتى يتغيّر الآخر، أو حتى يلاحظ أحدهم ويهتمّ بالأمر. (لمزيد من النقاش حول الطرق المناسبة للتطرّق إلى المشكلات، انظروا الفصل 10، القسم 5: تطوير سياسات الموظّفين.) وقد تشمل المسؤوليات الأخرى المشابهة: المساعدة في الحفاظ على تركيز الجميع على المهمّة، وتقديم المساعدة عندما يواجه الآخرون صعوبات، ولفت الانتباه إلى المشكلات في العمل أو بين أعضاء الفريق، إلخ.
  • أهمية الفريق والرسالة: لا يمكن فرض هذه الأهمية، ولكنّها تزيد الكثير إلى فعالية الفريق إذا اقتضت إحدى القواعد أنّ الهدف الجماعي يأتي أوّلاً، وإذا ما تبنّاها جميع مَن في الفريق. عندما يطبِّق ذلك يصبح نجاح الفريق شبه مؤكّد.

ادرسوا لوجستيات العمل كفريق بالتفصيل: كيف يعمل الفريق على أفضل نحو؟ يحتاج الفريق إلى أن يقرّر كيف سيعمل على أفضل نحو. فمَن سيكون مسؤولاً عن ماذا؟ (تذكّروا أنّ الفريق الجيّد يكلّف أعضاءه بالمهام التي يكونون الأكثر كفاءةً فيها). ما هو نوع الاجتماعات، والمؤتمرات، وجداول الاستشارات التي يمكننا وضعها للتأكّد من أنّ الجميع على علم دائماً بكلّ ما يحتاجون إلى أن يعرفوه؟ كيف يمكننا أن نحافظ على ديناميكية التفكير واتّخاذ القرارات في الفريق، أي القدرة والاستعداد لتغيير مسار عمل أو فكرة عند الاقتضاء؟ ينبغي التصدي لهذه الأسئلة وأسئلة أخرى كثيرة لكي يعمل الفريق بسلاسة وبشكل جيّد.

إنّ إحدى الطرق الممكنة لمقاربة بعض هذه المسائل هي الاجتماع مع فرَق ناجحة أخرى، سواء ضمن منظّمتنا أو خارجها. فقد يكونون قادرين على مساعدتنا على تجنّب بعض الأخطاء التي اقترفوها، وعلى إرشادنا إلى بعض الأسئلة التي قد لا نكون قد فكّرنا في طرحها.

نبدأ الفريق بمهمّة يمكن القيام بها ويتطلّب إنجازها عملاً جماعياً: سيعطي ذلك الأشخاص فرصةً لممارسة العمل كفريق من خلال شيء بسيط نسبياً. فالبدء بالنجاح سيساعد على شدّ أواصر الفريق، وعلى إعطائه أفقاً إيجابياً يبني عمله عليه، كما في التمارين التحضيرية للعبة كرة القدم أو الكرة الطائرة، مثلا.

نقوم بمراجعة النجاحات والإخفاقات بشكل منتظم، من أجل فهم ما حصل والتعلّم للمستقبل: من المهمّ أن نعتبر الأخطاء والإخفاقات فرصاً للتعلّم، وليس للملامة.

هذه  القصّة تُروى عن توم واتْسون، مؤسّس شركة “لآي بي إم” اIBM والرئيس التنفيذي لهاك اقترف أحد المدراء خطأً كلّف المؤسّسة 30 ألف دولار. وكان ذلك مبلغاً ضخماً آنذاك. استدعاه واتسون واستجوبه حول كيفية حدوث الخطأ وما تعلّمه ممّا فعله. وإذ كان المدير متأكّداً من أنّ واتسون يتلاعب به، صرخ أخيراً: “لمَ لا تطردني وننتهي من هذا الأمر؟” أمّا واتسون الذي تفاجأ فعلاً فأجاب: “نطردك؟ لقد أنفقنا للتوّ 30ألف على تدريبك.”

نوفّر الدعم الفردي والجماعي: نتأكّد من أنّ الجميع يتمتع بما يحتاج إليه للقيام بعمله. ونراعي أيضاً الاحتياجات الشخصية لأعضاء الفريق. فهم سيعملون بشكل أفضل إنْ لم يكونوا مستائين من أمور أخرى. إذا احتاجوا إلى المرونة بسبب احتياجات أطفال صغار أو مسنّين، فعلينا أن نحرص على إعطائهم إياها. وإذا كان من المفيد للفريق وجود الطعام أو وسائل التسلية، أو مجرّد مساحة ممكنة للاستراحات، فلنبحث في ما يمكننا القيام به لتوفير ذلك. وإذا احتاج الأشخاص إلى موارد، كمكتبة مثلاً، أو إمكانية الوصول إلى مواقع الكترونية معيّنة، إلخ، فعلينا أن نحاول تزويدهم بذلك. وإذا احتاج أحدهم إلى أخذ عطلة في فترة بعد الظهر، فلنحرص على تلبية رغبته. بمعنى آخر، نقوم بكلّ ما في وسعنا القيام به لجعل الأشخاص سعداء، ومرتاحين، وفعّالين. عندها نكسب أضعافاً من حيث نوعية الحياة العملية ومن حيث نوعية العمل للجميع.

نعطي الأشخاص شيئاً إضافياً مقابل العمل كفريق: يمكننا أن ندفع لهم المزيد … في حال كان لدينا المال الكافي لذلك. وكبديل ممكن، نستطيع إعطاءهم المزيد من المرونة، والمزيد من التحكّم بعملهم، وفرصة أفضل لتحقيق رؤيتهم المشتركة بنجاح، وفرص عمل أفضل، ونوعية أفضل للحياة العملية. نقدّم أيّ شيء، مهما كان، لكي يعرف الأشخاص أنّنا نقدّر ما يقومون به.

نكثر من مكافأة الإنجازات: نكافئ الفريق كلّه على النجاحات، ونكافئ الأفراد على عملهم الجيّد، بشكل خاص. قد نرغب في إنشاء نظام يساعد أعضاء الفريق على أن يوصوا بزملائهم الذين يستحقّون التقدير. نكثر من الثناء، ونترك الانتقاد للضرورة القصوى، وسيصنع الفريق المعجزات.

الخلاصة

الفريق هو أكثر بكثير من مجرّد مجموعة من الأشخاص العاملين معاً سعياً نحو غاية مشتركة. إنّه مجموعة تعمل كوحدة واحدة، سعياً نحو رؤية قوية مشتركة. في الحالات التي تتطلَب وجود فرقٍ، فقد ينجز الفريق الذي يعمل جيّداً أكثر مما ينجز جميع أعضائه فيما لو إذا كان كلّ واحد منهم يعمل منفرداً، لأنّ عمل كلّ عضو في الفريق يدعم أعمال الآخرين ويكمّلها.

وينطوي بناء الفريق على اختيار الأعضاء (إذا توافر مثل هذا الخيار)، وتحويل هؤلاء الأفراد إلى وحدة عاملة. وينطوي ذلك على التفكير في كيفية تواؤم الأشخاص، بعضهم مع بعض، ومساعدتهم على إنشاء الصلات الجماعية والفردية.

ويتطلّب بناء الفريق أيضاً النظر في خصائص الفرَق الجيّدة. وهذا يعني أن نوفّر في البداية مع الفريق، أو أن نولّد معه، رؤيةً يمكن للجميع أن يكونوا شغوفين بها. أمّا الخطوة التالية فهي تحديد مفهوم الفريق بوضوح، والتأكّد من أنّ الجميع يعلم كيف يتلاءم مع هذا المفهوم. بعد ذلك، على الفريق أن يخطّط سوياً لكيفية عمله (مَن سيقوم بماذا، كيف سيتواصل الجميع بفعالية، ماذا ستكون قواعد الفريق؟). كذلك، ينبغي معالجة أيّ مسائل شخصية في البداية وحلّها في أسرع وقت ممكن.

إلى ذلك، على الفريق أن يراقب عمله وأن يفهم أسباب النجاحات والإخفاقات، لكي تتمكّن من الاستمرار في التحسّن والتطوّر. ويحتاج الفريق إلى تقدير إنجازاته، لكي يعرف أنّ عمله محل تقدير. فإذا استطعتنا بناء فريق مؤلّف من أشخاص جيّدين وفقاً لهذه المبادئ الإرشادية فإن تحقيق غاياتنا يصبح عملياً أمراً شبه مؤكّد.

Contributor
Phil Rabinowitz

موارد

الموارد المطبوعة

Baron, Robert A. and Donn Byrne. Social Psychology (8th edition). Needham Heights, MA: Allyn and Bacon, 1997.

Bennis, Warren, and Patricia Ward Biederman. Organizing Genius: The Secrets of Creative Collaboration. (Pp. 196-218, “Take Home Lessons”). Reading, MA: Addison -Wesley Publishing Co., 1997.

James, Geoffrey. Success Secrets from Silicon Valley: How to Make Your Teams More Effective. New York: N.Y. Times Books (Random House), 1996.

Katzenbach, Jon R. and Douglas K. Smith. The Wisdom of Teams: Creating the High -Performance Organization. Boston: Harvard Business School Press, 1993.

Kidder, Tracy. The Soul of a New Machine. New York: Avon, 1995.

 

موارد على الانترنت

ملاحظة: إنّ معظم هذه المواقع موجّهة للشركات، ولكنّها تحتوي على أفكار، وموارد، وروابط، إلخ يمكن أن تكون قيّمة أيضاً بالنسبة إلى العمل المتعلّق بالصحّة والخدمات الإنسانية، والعمل المجتمعي.

http://www.looksmart.com/eus1/eus65300/eus152744/eus585541/eus905049/

روابط لمقالات وموارد أخرى عن بناء الفرَق.

http://www.teambonding.com

شركة يقع مقرّها في مدينة بوسطن وهي تدير تمارين عن بناء الفرَق للشركات من عملائها. يحتوي الموقع على أفكار حول ترابط الفريق، وقد يختلف الناس على بعضها. (إنّها تتوجّه إلى الشركات من عملائها، وبعض الألعاب يبدو كأنّه يشجّع على السلوك العدائي جداً أو غير الأخلاقي. المقصود منها هو أن تكون طريفة، ولكن…)

http://www.teamresources.com

نموذج جميل للفريق (انقروا على “نموذج الفريق”/”team model” على الصفحة الرئيسية)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى